سكان العالم المتقدم يعملون أكثر من المعتاد

TT

في معظم أنحاء العالم المتقدم، أصبح الناس يعملون لسنوات أكثر مما كان معتادا، ويتقاعدون في مرحلة متأخرة عما كانوا يفعلون في الماضي، وربما يكون السبب في ذلك هو حاجتهم إلى المال. وقد أعلنت «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» هذا الأسبوع أحدث الأرقام المتعلقة بنسبة العاملين ضمن الفئة العمرية الأكبر سنا، حيث أظهرت أن بعض البلدان الأوروبية - التي كانت نظم الرفاهية الاجتماعية بها تسمح بالتقاعد المبكر - بدأت في إبقاء المزيد من الناس في وظائفهم.

ففي عام 2003، كان أقل من ثلث الرجال الألمان في عمر ما بين 60 إلى 64 عاما يعملون، وكذلك أقل من سدس النساء الألمانيات من نفس العمر. أما في الأرقام التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع والخاصة بعام 2011، فإن أكثر من نصف الرجال وثلث النساء هناك كانت لديهم وظائف، إلا أنه ما زال من النادر نسبيا أن يستمر الألمان فوق سن 65 عاما في العمل. ويبدو أن إيطاليا بلد يتجنب التغيير، ففي عام 2001، كان نحو 30% من الرجال في أوائل الستينات من العمر لديهم وظائف، ومثلهم كانت 11% من النساء. وبعد 10 سنوات، ظلت الأرقام إلى حد بعيد متطابقة.

ولطالما كان العاملون الأكبر سنا في الولايات المتحدة أكثر احتمالا في الاستمرار في وظائفهم من نظرائهم الأوروبيين، ولكن منذ عام 2008، تراجعت نسبة الرجال الأميركيين في أوائل الستينات من عمرهم وما زالوا يعملون بمقدار 3 نقاط مئوية لتصل إلى 54.7%، في ظل تأثير ضعف الأوضاع الاقتصادية على حركة تعيين الموظفين. إلا أن نسبة الرجال الذين لديهم وظائف من الفئة العمرية ما بين 65 و69 عاما قد استمرت في التزايد، في ظل تأخر الرجال الذين يمكنهم التقاعد في الإقدام على هذه الخطوة. كما تراجعت نسبة الرجال في أوائل الستينات من العمر ولديهم وظائف في كل من أيسلندا والبرتغال وتركيا، وفي اليونان انخفضت نسبة الرجال في أوائل الستينات من العمر ولديهم وظائف لتصل إلى 37.5% عام 2001، مقابل 44% عام 2008.

وتقول آن سونيت، وهي خبيرة اقتصادية كبيرة لدى «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» ورئيسة فريق العمل الخاص بتقرير العاملين الأكبر سنا الصادر عن المنظمة، إنه في كثير من البلدان: «تعتبر المشكلة الرئيسية بالنسبة للعاملين الأكبر سنا هي التعيين» في وظائف جديدة، وليس الحفاظ على الوظائف التي لديهم بالفعل، مؤكدة: «ليس هناك تقريبا أي حراك وظيفي بالنسبة للعاملين الأكبر سنا». وقد تم إصدار الأرقام الخاصة بالبلدان الأعضاء في «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» وعددها 34 بلدا، التي تضم جميع البلدان المتقدمة الكبرى وبعض البلدان التي وصلت إلى مصاف البلدان المتقدمة منذ أن تأسست المنظمة قبل نصف قرن، إلا أنها ما زالت لا تضم بلدانا سريعة النمو مثل البرازيل والهند والصين.

وأشارت سونيت إلى أن حالة الركود التي ألمت بالعالم عام 2008. والتي يبدو أنها قد عادت في بعض البلدان الأوروبية، تختلف عن حالات الركود السابقة في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين في أن البلدان لم تكن تشجع العاملين الأكبر سنا على التقاعد المبكر من أجل توفير الوظائف للأفراد الأصغر سنا. وهي ترى أن إطالة سنوات العمل شيء جيد في عالم ارتفعت فيه متوسطات العمر المتوقع، حيث ذكرت في حوار هاتفي أجري معها: «بالنسبة للمجتمع، فإن العمل لفترة أطول مهم جدا من أجل تجنب ارتفاع التكاليف الاجتماعية، نتيجة الاضطرار إلى دفع معاشات للمتقاعدين لسنوات كثيرة جدا».

ويظل هناك تنوع كبير في أنماط التوظيف، وهو تنوع آخذ في النمو في أوروبا. فبينما يزداد احتمال أن يستمر الألمان في العمل بعد تجاوزهم سن الستين، فإن جيرانهم الفرنسيين ما زالوا بشكل عام يستقيلون قبل أن يحتفلوا بعيد ميلادهم الستين. وفي عام 2011، كان واحد فقط من بين كل 5 فرنسيين من الفئة العمرية بين 60 و64 عاما ما زال محتفظا بوظيفته، ونفس الشيء ينطبق على امرأة واحدة من بين كل 6 نساء.

ومن بين 34 بلدا عضوا في «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية»، فإن المجر وحدها - التي يوجد بها 17.9% من الرجال في أوائل الستينات من العمر ويحتفظون بوظائفهم - كان لديها معدل توظيف أقل بين الرجال في تلك الفئة العمرية. وعلى الناحية الأخرى، فإن أكثر من 70% من الرجال من الفئة العمرية بين 60 و64 عاما كانوا يعملون في أيسلندا ونيوزيلندا وشيلي واليابان. وفي 5 بلدان - هي سلوفاكيا وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا والمجر - كان أقل من 10% من الرجال في أواخر الستينات من العمر يشغلون وظائف، وفي 4 بلدان أخرى - هي المكسيك وأيسلندا وشيلي وكوريا الجنوبية - كان أكثر من نصف هؤلاء الرجال يشغلون وظائف.

للاطلاع على تعليقات فلويد نوريس عن المالية والاقتصاد، يرجى زيارة الرابط التالي: nytimes.com-economic.

* خدمة «نيويورك تايمز»