الملاكمة الروسية في السبات الغربي

TT

يقول لويجي بارزيني في كتابه «الإيطاليون» إن الإنجليزي يرفض أن يضرب غريمه إذا سقط على الأرض، أما الإيطالي فيقول: «إذا لم أضربه الآن فمتى أضربه إذن؟». الغرب في سبات وهذه فرصة روسيا. أميركا راكدة وأوروبا معطوبة، والدب الروسي يتمخطر في حقول بلا نواطير. فقدت موسكو العراق (واستعادت سوقها السلاحية الآن) وفقدت ليبيا، ولم يعد بوتين من جولاته العربية الأولى بأي شيء. حاول في أيام رئاسته الأولى أن يرى ما إذا كان الموقف العربي من السوفيات قد تغير مع الروس، فوجده باقيا. وعندما بدأت أحداث سوريا كان مجموع المبادلات مع العالم العربي لا يصل إلى 20 مليار دولار مقابل 40 مليار دولار مع تركيا وحدها.

شعر القيصر الروسي، وعن حق، أن ثمة برودة عربية شديدة حيال موسكو، لها أسباب مختلفة، أولها ثقافي قديم، وثانيها آثار الحرب في أفغانستان، وثالثها وأعمقها، أوضاع نحو 20 مليون مسلم في الديار الاتحادية الروسية. لذلك قرر أن يرد على كل ذلك بالموقف في سوريا. أي الرد على اللامبالاة العربية واستغلال السبات الغربي المتمثل في سيل من التصريحات وكلام الناطقين الرسميين.

المواقف الروسية في سوريا هي مواقف انتقامية أكثر منها مواقف سياسية. والدليل أنها قائمة على العنت لا على تطور الأوضاع أو تدهور الحالة البشرية. وفي كل وضوح تهدف روسيا إلى صد أميركا والغرب، عبر الفيتو وسواه، أكثر من استخدام نفوذها للوصول إلى حل. وفي هذا المشهد الفائق الصعوبة يغيب عنا أنها تتخذ أيضا مواقف مؤيدة لإيران، وليس فقط للنظام السوري. وقد طرح سيرغي لافروف قضية شديدة الخطورة عندما قال، إن النظام وحده قادر على حماية الأقليات. وفي اليوم التالي حدث قتل كاهن في دمشق.

لم تخف الكنيسة الأرثوذكسية الروسية دورها في الضغط على حكومتها. فقد قام بطريركها بزيارة إلى سوريا قبل أشهر. وهذه أول مرة منذ ما قبل ثورة 1917 يصدر عن الكرملين كلام ديني أو موقف ديني. ويبدو أن القيادة الروسية لا يهمها أثر ذلك على ما يتركه في الداخل.