حملة أوباما تتحول إلى جذع أجوف

TT

«إنها لميزة واضحة وسبب كبير لأمن البلاد أن يعرف الرئيس أنه ليس رجلا عظيمًا»

كالفن كوليدج

كان جسد باراك أوباما، خلال حملته الانتخابية المحمومة سعيا للفوز بفترة رئاسية جديدة، ينضح بالحيوية، لكن عقله مكبل بالكسل. ويعد بأن تكون مدته الرئاسية الجديدة أشبه ما تكون بالأولى، رغم أن الاعتذار كان ليصبح أمرًا ملائمًا. ولا تتسق نبرته المتشائمة طوال الحملة الانتخابية، التي تضمنت تعبيرات بذيئة بحق ميت رومني، ومنها وصفه بالوحش، ونكات مراهقة عن «داء النسيان» والتناقض المصاب به رومني، واتسمت بلامبالاة جامدة، مع شخصية رجل يرى أن إنجازاته لا تقل عن إنجازات «أي رئيس أميركي آخر» منذ لنكولن باستثناء لينكولن وليندون جونسون وفرانكلين روزفلت. قد يفسر تعظيم أوباما لذاته، مع عدم ذكر العجز، سبب استيائه من وجوب طلبه لفترة رئاسية جديدة.

بالحديث عن الاعتذارات، ينبغي على كلية القانون بجامعة سيراكيوز الاعتذار عن منحها جو بايدن شهادة التخرج، فقد ألقى على مسامع سارة بالين خلال مناظرة بين نائبي مرشحي الرئاسة عام 2008 خطبة عصماء أخبرها فيها بأن المادة الأولى من الدستور تحدد الطرف التنفيذي، في حين أن المادة الثانية من الدستور هي التي تحدد ذلك. وقال في المناظرة التي شهدها العام الحالي إن إلغاء قانون «رو ويد» سوف «يحظر» الإجهاض، في حين أنه سيجعل للولايات صلاحية البت في أمر الإجهاض. وتم ترشيح بايدن، الذي أنهى دراسته في القانون، لمنصبه الحالي البارز لاعتقاد الديمقراطيين أن المودة والتراحم ستخفف من قسوة النظام الذي يمجد المؤهلات. مع ذلك من الأمور الملاحظة والدالة على رعونة الناخبين الخطيرة فيما يتعلق بمنصب نائب الرئيس، عدم إثارة اقتراب بايدن من الرئاسة المزيد من الشعور بعدم الراحة.

واستباقًا لهذا، ينبغي على بايدن الانتباه إلى قول أليكس دي توكفيل إن «الحرص على الصمت لهو أجل خدمة يمكن أن يقدمها المتحدث ذو المواهب المحدودة للصالح العام».

هناك موضوعان اقتصاديان ناقشتهما حملة أوباما؛ الأول هو أن وظائف التعهيد خطيئة، والثاني أنه أنقذ شركة «جنرال موتورز» التي تجمع 70 في المائة من سياراتها في خطوط إنتاج خارج أميركا. إنه يعتقد أن ماكينات الصراف الآلي وأكشاك تذاكر الطيران هي السبب في البطالة، لكنه قد يفهم أن عملية شراء هاتف «آي فون» تتضمن وجود متعهد في الصين لتجميعه. ورغم أن شعار حملته هو «إلى الأمام»، من الواضح أنه يريد لأميركا منافسة الصين في صناعة القمصان الرياضية وماكينات تحميص الخبز. وكان ثالث شأن اقتصادي ناقشته الحملة والذي سيستثمر فيه، أو سينفق عليه، غير مسموع وسط صخب وضجيج الشركات المتداعية التي استثمر فيها. ويركز الجزء الأكبر من مخزون الحزب الديمقراطي من شعورهم بأنهم أذكى وأهم حاليًا على المرأة، التي يتم تشجيعها على عدم إعمال عقلها الصغير في المشاكل الحقيقية والاكتفاء بالقلق من التهديد الذي يواجه الحرية الإنجابية بعد مرور 52 عامًا على انتشار حبوب تنظيم النسل في الأسواق، ومرور 47 عاما على الاعتراف بمنع الحمل بصفته حقًا يكفله الدستور. وقد تفسر هذه الإهانة تحول النساء إلى تأييد رومني.

هناك شيئان لا ينبغي الركض وراءهما وهما الحافلة والترياق الاقتصادي، لأن هناك واحدا آخر سيظهر بعد وقت قصير. ويعالج الترياق الذي يقدمه أوباما ما يعده اقتصادا حكوميا عديم الضمير. ولا يوجد في حملة أوباما ما يقدم تلميحا بتغير أي شيء له علاقة بالضمان الاجتماعي أو الرعاية الصحية منذ بداية العمل بالنظام الأول قبل 77 عاما، وبالنظام الثاني قبل 47 عاما.

منذ ثمانية أعوام قال أوباما إنه سيبطئ معدل ارتفاع منسوب المحيط، لكنه لم يسع خلال العام الحالي إلى إصدار أمر لمعالجة الكارثة القادمة المفترضة المتمثلة في التغير المناخي، بل لم يأت على ذكر الأمر بالأساس. إنه يقول إن هذه الحالة الطارئة، مثلها مثل كل الأشياء، تبرر منح الحكومة صلاحيات ضخمة جديدة، لكن فيلسوفنا يئس من إقناع الدهماء غير المتنورة من الشعب.

ولعل الفكرة الجديدة الوحيدة الوجيهة في هذه الحملة هي تغيير «التعديل الأول» من أجل تمكين الحكومة من تحديد القدر المسموح به من الخطاب السياسي عن تأليف وطريقة إدارة الحكومة. وتتعهد نانسي بيلوسي بأنه في حال سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، سيضعون في أول جلسة قيدا على مشروع القانون الخاص بالحريات. ويعد كل السياسيين موظفي مبيعات إلى حد ما، لكن أوباما، يزداد شبها بموظف مبيعات من نوع خاص، خاصة بعد تخفيضه لقيمة عملة الخطاب الرئاسي من خلال زيادة إنتاجه.. هذا النوع من موظفي المبيعات الذي يشبه شخصية ويلي لومان، التي جاءت في أحد أعمال آرثر ميلر. وجاء في هذه المسرحية: «الحياة بالنسبة إلى موظف المبيعات، لا قرار لها. إنه لا يربط المسمار (البرغي) بصامولة، إنه لا يخبرك بالقانون أو يعطيك دواء. إنه رجل يرتدي ملابس زرقاء ممتطيا ابتسامة وصندوق تنظيف أحذية. وعندما يتوقف عن الرد بالابتسام، يحدث زلزال». ما السبب وراء الاندفاع الأجوف الذي اتسمت به حملة أوباما في أيامها الأخيرة؟ ربما يكون السبب هو شعوره بالهزات الخفيفة التي تسبق الزلزال.

*خدمة «واشنطن بوست»