مهرجانهم وأحزاننا

TT

لا أدري ما هي نسبة العرب الذين تابعوا حقا الانتخابات الأميركية. فقد بدت بعيدة وغير ذات أهمية مقابل الهموم الطاغية، من ركام سوريا، إلى أصوات التفجير في بحرين اعتادت الهدوء، إلى الكويت حيث سلكت المعارضة الطريق إلى الشارع والمواجهة والعنف.

علمتني السنون ألا أنتظر شيئا من أحد وأن عدونا الأكبر هو الجهل. وإذا كان من عدو أسوأ فهو الإصرار عليه. ولم أصدق يوما أن عند أميركا عصا سحرية. لقد أسقطت بالقوة أعتى ديكتاتوريتين في العالم العربي، العراق وليبيا، لكن ماذا فعلنا في العراق وفي ليبيا. وإليكم صورة - ونوعية - الانشقاقات ضمن المعارضة السورية قبل الوصول، فكيف بعده.

أقامت الدولة في الكويت أول تجربة دستورية ديمقراطية مؤسساتية، وأقامت المعارضة أسوأ نموذج صاخب في إلغاء الحياة الدستورية. يتذكر أهل الخليج أيام كانوا يتطلعون إلى الكويت كمثال في كل شيء، والآن يتطلعون إليها في خوف: المعارضة التي كانت تهدم في البرلمان نقلت المعول إلى الشارع.

ليس معنى هذا أن الدولة كاملة والمعارضة ظالمة، بل إن الدولة تحتكم إلى الدستور والمعارضة تحتكم إلى الفوضى وتهديد المصير. ولعل الرجل الذي أسس مدرسة الشغب يدرك الآن أن بوابة الفوضى تنفتح على أبواب كثيرة لا يمكن ضبطها ولا مراقبتها ولا معرفة نهايات الأنفاق التي تفضي إليها.

لم أنس طبعا لبنان ولا مخاوفه. ولا الأردن. ولا وصول البوارج الإيرانية إلى الجزر الإماراتية عشية مؤتمر المعارضة السورية في قطر. ولا اليوم الذي أغلق فيه الأمن السوري مكاتب حماس عقابا لها على فك الشراكة مع طهران. واضح أن تقدم المعارضة في سوريا يؤدي إلى تحريك معارضات الخليج تحت عناوين كثيرة.

لماذا يريد المرء أن يتابع انتخابات الرئاسة الأميركية؟ تحدى رومني مشاعري كعربي، لكن ماذا يعرض عليّ أوباما؟ ظن الرئيس محمود عباس أنه إذا قال بدولة حدودها 1967 سوف يسهل المطالبة بها في الأمم المتحدة. خطأ. أول المعترضين والمشككين كان الإسرائيليون. لا يريدونك إلا مستعمرة. الانتخابات مهرجان للأميركيين ونحن في حالة حزن.