اختيار المستشفى.. ماذا يعني للمريض؟

TT

سواء ذهب المريض إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية أو لمراجعة طبيب للقلب، وسواء ذهب أحدهم إلى المستشفى لمعالجة ابنه الرضيع لدى طبيب الأطفال أو لمرافقة زوجته خلال متابعة الحمل، فإن اختيار وانتقاء مكان تلقي الرعاية الصحية أمر مهم.

وللمريض، ولوصيه القانوني، أن لا يسأل الطبيب فقط عن المرض وطريقة معالجته والأدوية التي يصفها لعلاجه، ولا عن مؤهلات الطبيب ودرجة تخصصه فقط، بل أيضا عن المستشفى الذي يتلقى علاج مرضه فيه والذي يلقي عليه مسؤولية الحفاظ على سلامة صحته وحياته. والطبيب «الحكيم» لا يعتز فقط باهتمام مريضه بطبيبه وبالمستشفى الذي يعالجه، بل ويحرص على بناء ثقة المريض بطبيبة وبالمستشفى لأنه أساس في نيل «رضا المريض» عن أسلوب وطريقة ونتائج معالجته. ونيل «رضا المريض» إحدى الأولويات التي تضعها الأوساط الطبية في العالم بوصفها «مؤشر أداء» للدلالة على مدى جودة خدمات الرعاية الصحية التي تقدمها لمرضاها.

إن أحد أهم التطورات الحديثة في رفع مستوى جودة خدمات المستشفيات هي شهادات الاعتماد Accreditation Certificate، التي تعني أن المستشفى مر بعملية مراجعة للوائحه وسياساته وإجراءاته العلاجية والتشغيلية accreditation process وأنه ملتزم بدرجة عالية من الجودة في رعاية المرضى. وخوض المستشفى هذه العملية التقييمية، وإن كان في الأصل شأن اختياري يقوم به، موجه لقياس مدى الجودة في نوعية وطريقة تقديمه الرعاية الصحية لمرضاه ومدى حفاظه على سلامتهم، إلا أن كثيرا من دول العالم، التي تحرص على تلقي المرضى فيها نوعية عالية من الخدمة الصحية، تجعله إلزاميا للمستشفيات.

وعملية التقييم، سواء قامت به هيئة وطنية أم هيئة عالمية، تتم بقياس ومقارنة مدى توفر لائحة طويلة وشاملة من المعايير التي تدل على جودة أداء وأمان الخدمات المقدمة للمرضى، كما تدل أيضا على جودة انتقاء العاملين الطبيين وتقييم مدى كفاءتهم في تقديم الرعاية الصحية للمرضى، وكذلك سلامة البيئة التي يعمل فيها العاملون بالمستشفيات ويكون فيها المرضى الذين يتلقون العلاج.

والمستشفيات تقوم عادة بإجراء تحضير شامل للتقييم الذاتي، يبدأ من توعية العاملين بالمستشفى بأهمية الخطوة التي يقدم عليها، وكيفية القيام بها، ثم يجري تقييما لمعرفة الجوانب التي تحتاج إلى تحسين وضبط وتطوير، ثم يعمل على إصلاح شامل في كل مرافقه لكي تتوافق خدمات المستشفى العلاجية والتشغيلية مع المعايير الوطنية أو العالمية التي تريد تحصيل شهادة اعتمادها.

والسؤال: ماذا يعني هذا كله للمريض؟ ولماذا عليه أن ينتقي تلقي الرعاية الصحية في تلك المستشفيات التي نالت شهادة الاعتماد؟

المريض هو في الحقيقة أول وأهم المستفيدين من هذا الأمر، لأن جميع هيئات الاعتماد الوطنية أو العالمية تتبنى حقيقة أن جودة الخدمات الصحية بالمستشفيات مبنية على جعل المريض هو محور الاهتمام.

وعلى سبيل المثال، تركز شهادات الاعتماد على حقوق المريض، ومنها أن تتم معالجته بكل احترام وأن تقدم له كل المعلومات التي تتعلق بتشخيص مرضه ونتائج تقييمه الطبي وكيفية معالجته والتكهنات المستقبلية لحالته الصحية clinical prognosis وغيرها من الجوانب التي تحفظ حقوقه، إضافة إلى تعريفه بمسؤولياته نحو المستشفى والعاملين فيه وكيفية الحفاظ على صحته.

وتركز أيضا على مدى اهتمام المستشفى بالشهادات العلمية والتدريبية للأطباء وطاقم التمريض وغيرهم من العاملين في تقديم الرعاية الصحية للمرضى، وكذلك نظام إعطاء الصلاحيات للأطباء في إجراء العمليات الجراحية أو التدخلات العلاجية، وما تلك التي لهم الصلاحية في إجرائها، وما ليس لهم بعد الصلاحية في القيام بها، وشروط حصولهم عليها.

كما أنها تهتم أيضا بإجراء المستشفيات استبيانات مدى رضا المرضى عن جودة الخدمات المقدمة لهم. وكذا تحرص على تقييم مدى حرص المستشفى على مراجعة جودة خدماته العلاجية والتشغيلية وسلامة بيئته الداخلية وبرامج إدارة درء المخاطر عن المرضى والعاملين فيه، ومدى وضع المستشفى لبرامج تحفظ المعلومات الصحية المتعلقة بالمرضى والملفات الطبية الخاصة بكل منهم، وكيفية عمل المستشفى على منع انتشار العدوى الميكروبية بين المرضى خلال معالجتهم بالمستشفى، ومدى تطبيق برامج الوقاية الخاصة بهذا الشأن.. من ضمنها أيضا مدى حرص المستشفى على رفع كفاءة الأطباء وطاقم التمريض والفنيين الطبيين في مجالات التعليم والتدريب عبر حضور المؤتمرات والندوات العلمية.. وغير هذا كثير مما يضمن في النهاية استيفاء المستشفى والعاملين فيه وتجهيزاته وبنيته التحتية وطاقاته التشغيلية شروط توفير بيئة آمنة وملائمة لتقديم خدمة طبية عالية الجودة وتحافظ على سلامة المرضى. والأهم وضع آليات لضمان محافظة المستشفى على هذه المستويات عبر جمع بيانات تتابع الأداءات الإكلينيكية للعاملين والتشغيلية للمرافق والأجهزة الطبية.

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]