«بدت غريبة تماما عن محيطها»

TT

كان روبرت كابلان عسكريا في الجيش الإسرائيلي في السبعينات، قبل أن يصبح أحد أهم المؤلفين الأميركيين في الكتابات السياسية. ومن أجل وضع كتابه الجديد «انتقام الجغرافيا»، قام بجولة ميدانية في الشرق الأوسط، عابرا الحدود والأودية والجبال، لكي يؤكد النظرية التي يقوم عليها الكتاب، وهي أن الجغرافيا هي التي تنتصر في نهاية الأمر، وأن الحضارات لا يمكن أن تنمو أو أن تعيش في المناخات القصوى، كما في بلاد الإسكيمو. وقد كانت هذه أيضا نظرية المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي من قبل.

أحب أن أنقل هنا، بالحرف، ما كتبه الرجل الذي كان جنديا إسرائيليا، يوم عبوره الحدود الأردنية في التسعينات: «كانت مراكز الجوازات والجمارك الأردنية مؤلفة من حاويات قديمة. النهر ضيق ويعبره الباص خلال ثوان. في المقابل، كان المركز الحدودي مثل مطار في أميركا، وبدا أعجوبة بعد تلك المساحات الجرداء في الأردن والعالم العربي. كان رجال الأمن الإسرائيليون يرتدون قمصانا من ماركة تيمبرلاند، يرخونها فوق خصورهم لكي لا تعرقل سحب المسدس».

«بعد أسابيع في العالم العربي، بدا هؤلاء الشبان من دون أي عراقة. ورغم أناقة المكان كان مساحة خالية غير ودية، لا يتسكع فيها أحد كما في العالم العربي، حيث البطالة مرضية. الإسرائيليون في مكاتب الحدود كانوا لا مبالين وأفظاظا. الضيافة المألوفة في الشرق الأوسط كانت غائبة. ومع أنني عشت في إسرائيل في السبعينات وخدمت في جيشها، فقد تسنى لي الآن رؤيتها من جديد. لقد بدت إسرائيل غريبة تماما عن الشرق الأوسط، ولو أنها حقيقة فجة وقوية».

«بالنسبة إلى العالم الإسلامي، تشكل المأساة الفلسطينية ظلما عظيما في قضايا الإنسانية العالمية. وقد لا يبدو الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عنصرا مرئيا في المراحل الأولى من الربيع العربي، ولكن يجب ألا نخدع أنفسنا. لقد أصبحت الحقائق القائمة بلا معنى أمام الحقائق المحتملة. الجغرافيا هي الأمل الحاسم. ففيما تظهر الصهيونية قوة الأفكار، فإن الحرب بين الإسرائيليين والفلسطينيين تقررها الجغرافيا وحدها».

«سوف يصبح اليهود قريبا جدا أقلية في الأراضي التي يحكمونها أو يحتلونها من نهر الأردن إلى المتوسط. وفي بعض الحسابات أن ذلك حدث فعلا. ويتكهن بعض الديموغرافيين بأن اليهود سوف يشكلون خلال 15 عاما 42% من السكان في هذه المنطقة»، كما يقول رئيس تحرير مجلة «أتلانتك»، بنجامين شفارتز، في مقالة عنوانها: هل تعيش إسرائيل إلى سن المائة.