هل تعطل حماس ضرب مفاعلات إيران النووية؟!

TT

في الوقت الذي كان فيه محمود عباس يستعد لمطالبة الأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين، وبعد زيارة أمير دولة قطر إلى غزة التي وعد فيها بالمساعدة على إعادة إعمار القطاع، بدأت الفصائل الحمساوية هجماتها الصاروخية على إسرائيل بشكل مكثف. ورغم محاولة الرئيس المصري إقناع حماس بالعودة إلى الهدنة مع إسرائيل – بعد مكالمة تلقاها من الرئيس الأميركي – استمرت فصائل غزة في قصف المدن الإسرائيلية بالصواريخ، حتى أثناء الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المصري. ورغم تعاطف الدول العربية مع غزة، فقد أجمعت الدول الغربية على إدانة حماس لأنها بدأت الهجوم على إسرائيل، فصار من حقها الدفاع عن نفسها. وفي ذات الوقت أعلنت حماس أن الهجمات «ستفتح أبواب الجحيم» على إسرائيل.

لماذا اختارت حماس هذا الوقت بالذات لبدء معركتها؟ وهل هناك علاقة بين هذا الهجوم وخطة إسرائيل لضرب المفاعلات النووية الإيرانية؟

بعد انتهاء انتخابات الرئاسة الأميركية في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، أطلقت الفصائل الحمساوية أكثر من 100 صاروخ على جنوب إسرائيل، وردت إسرائيل بقصف المواقع الفلسطينية. ثم تدخلت الحكومة المصرية لتهدئة الموقف لعدة أيام، لكن الفصائل الفلسطينية عادت لتقصف المواقع الإسرائيلية من جديد. وعندما أدركت إسرائيل أن حماس حصلت على صواريخ إيرانية أكثر فعالية يمكنها تهديد تل أبيب، قررت القيام بعملية لاغتيال القيادات الغزاوية وتدمير الصواريخ الجديدة. ثم قام الطيران الإسرائيلي بشن غارات مكثفة على غزة في عملية «عمود السحاب»، أدت إلى مقتل أحمد الجعبري وتدمير مقر للأمن في مدينة رفح، كما قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف مخازن الصواريخ ومناطق الأنفاق في رفح من جانب غزة.

والجعبري البالغ من العمر 52 عاما، كان نائبا لمحمد الضيق القائد العام لكتائب القسام، يلقبونه «رئيس أركان حركة حماس»، وكان على رأس قائمة المطلوبين لإسرائيل لقيامه بتدبير عدد كبير من العمليات ضدها.

وبينما انشغلت المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان في مصر بمناقشة مسودة الدستور وهددت بالانسحاب من الجمعية التأسيسية، كانت حكومة القاهرة هي أول من غضب من الهجوم الإسرائيلي على غزة، فقرر الرئيس مرسي إعادة السفير المصري من تل أبيب – بعد أيام معدودة من تسليم أوراق اعتماده – وقدمت وزارة الخارجية رسالة احتجاج إلى سفير إسرائيل في القاهرة، تطالب بلاده بالوقف الفوري لكل أشكال العدوان على غزة. ثم اتصل الرئيس مرسي بالامين العام للجامعة العربية نبيل العربي مطالبا بعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، كما طالب مندوب مصر لدى الأمم المتحدة بالدعوة إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في «الاعتداء على أرواح الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني».

ويبدو أن قرار حماس بتصعيد هجماتها على إسرائيل في أعقاب انتخابات الرئاسة الأميركية، له علاقة بخطة إيران التي تهدف إلى تعطيل ضرب مفاعلاتها النووية لعدة أشهر، تتمكن خلالها من إنتاج السلاح؛ فقد أعلنت إسرائيل عن نيتها ضرب المفاعلات الإيرانية بعد إنهاء الانتخابات الأميركية، كما هددت إيران بشن ضربة استباقية ضد إسرائيل. وقال الجنرال حجي زاده المسؤول عن الأنظمة الصاروخية: «في حال أعد الإسرائيليون العدة لشن هجوم، فمن الممكن أن نشن نحن هجوما استباقيا». ولما كانت إيران لا تستطيع ضرب إسرائيل من أرضها بسبب بعد المسافة، فهي تتعاون مع حماس في غزة وحزب الله في لبنان للقيام بهذه المهمة. ويبدو أن الخطة الإيرانية تهدف إلى تصعيد الموقف أولا بين إسرائيل وحماس في غزة، ثم محاولة جر مصر إلى الصراع، وفي النهاية يقوم حزب الله باستخدام رصيده الهائل من الصواريخ لضرب المواقع الإسرائيلية. فعقب إرساله طائرة من دون طيار إلى جنوب إسرائيل، قال حسن نصر الله: «نحن نستطيع أن نصل لأي مكان نريده».

ورغم أن الحكومة المصرية – رغم تعاطفها مع حماس - لا ترغب في دخول حرب الآن مع إسرائيل، فإن الخطة الإيرانية تنوي توريطها عن طريق قيام المجموعات المسلحة في سيناء بضرب الأراضي الإسرائيلية، وربما مهاجمة البواخر الحربية الإسرائيلية والأميركية التي تعبر قناة السويس. وقد ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن أربعة صواريخ أطلقت بالفعل من سيناء على الجانب الإسرائيلي من الحدود المصرية، كما قامت جماعة إرهابية بمهاجمة معسكر للأمن المركزي بمدينة رفح في سيناء. وفي حوار له مع جريدة «الأهرام»، قال الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس: «هناك أخطار تزحف على القناة لا يمكن تجاهلها... التسريبات من الأنفاق (مع غزة) من عناصر مختلفة، تمثل خطرا حقيقيا علينا... (و) هناك محاولات فردية تستهدف تعطيل الملاحة في القناة (15-11-2012م).

في رد له على مكالمة تلقاها من الرئيس المصري، قال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز إنه «لا بد من تهدئة الأمور وإحكام العقل، وألا يتغلب الانفعال على الحكمة والتدبير»، فهل تبصرنا الحكمة حتى ندرك مصالح الأمة العربية ولا ننساق وراء خطط يدبرها لنا الآخرون؟