شراكة!

TT

الصدفة لا مكان لها في شرح العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة الفلسطيني في الوقت نفسه للحملة الدموية المسعورة التي يقوم بها النظام الدموي الأحمق في دمشق بقيادة بشار الأسد ضد شعبه في حرب إبادة دون حدود ولا رادع. المصالح المشتركة بين نظام بشار الأسد وأبيه من قبله، وإسرائيل، لم تعد خافية ولا مجهولة، فالهدنة التي تحولت إلى سكينة.. إلى هدوء.. إلى سلام واقعي بين حدود البلدين، لم يعد ممكنا تفسيرها ببراءة أبدا ولا المجهود الاستثنائي الذي قام به نظام الأسد بالقضاء التدريجي على فصائل المقاومة الفلسطينية وتحجيمها المستمر ومحاولة إخضاعها تحت إمرته بالقوة والتهديد والرعب الذي كان ولا يزال أهم سمات هذا النظام المجرم.

إسرائيل أبدت مخاوفها الشديدة من سقوط نظام الأسد، لأنها - وبحسب ما صرح به علنا رئيسها شيمعون بيريس في لقائه الأخير بموسكو مع الرئيس الروسي بوتين - تمتعت ولسنوات طويلة جدا بحدود هادئة وآمنة مع سوريا ولا ترغب في أي تدخل عسكري في سوريا لتغيير الوضع هناك، وهي متفقة تماما في هذا الأمر مع روسيا (التي تتخذ خطا مغايرا لحليفة إسرائيل الأهم وهي الولايات المتحدة الأميركية).. إسرائيل تدرك تماما أن «المجهول السوري» يخيفها مهما كان، فهي أقلمت نفسها مع جار تم تدجينه لها وسلم دون أي مقاومة أبدا، لا سياسية ولا عسكرية، لفكرة ضم الجولان كاملة ورسميا (الجولان ضمت بالكامل لإسرائيل رسميا). إسرائيل تريد تطويل أمد بقاء نظام الأسد في الحكم.. تريد تعطيل فرص إسقاطه.. تريد أن يكون له فرصة للاستمرارية. وزيارة بيريس كانت للتنسيق مع الحليف «الظاهري» الأول لبشار الأسد بوتين وروسيا.. اللوبي اليهودي الروسي يعلب دورا مؤثرا جدا للتنسيق بين الكرملين والدولة الإسرائيلية، وهذا الموضوع له من ذلك الأمر النصيب المهم، فإسرائيل تعلم تماما أن روسيا تمد نظام الأسد بأرتال من السلاح التقليدي وغير التقليدي، ومع ذلك، لا تعترض أبدا، لأن الهدف الآن هو الإبقاء على نظام الأسد بأي ثمن، وهناك فريق مؤثر ومهم داخل جهاز الاستخبارات الإسرائيلية يعتقد بأهمية عمل كل ما يلزم لبقاء بشار الأسد، كنظام ضامن لحدود إسرائيل، في الحكم لأطول مدة ممكنة، لأن ذلك الأمر جزء من الأمن الاستراتيجي لإسرائيل، وهذا الفريق قد يكون من أدوات التأثير على قرار بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في الدخول بكل قوته الجوية على قطاع غزة، فهو يدرك أن هذه المسألة «عاطفية» جدا للشارع العربي وأنه سيتفاعل مع الحدث أكثر من غيره من المواقع وسيكون لخبر غزة المكانة الأولى في نشرات الأخبار، مما سيتيح نظريا الفرصة والوقت لبشار الأسد وآلته العسكرية لعمل ما يمكن عمله بعيدا عن أعين الإعلام ومحاولة التعويض بالبطش المبالغ فيه والآلة العسكرية الفتاكة، وهو الذي حدث بالتفصيل، فبشار الأسد وجد أخبار سوريا تحتل المرتبة الثانية في النشرات الإعلامية، وبدأت قواته الدك المهول بالدبابات والطائرات والمدافع الثقيلة في مناطق مختلفة زاد فيها عدد الضحايا ووسع فيها رقعة الدمار بشكل مهول وكبير. كل ذلك الأمر لا يمكن أن يكون من باب الصدفة.. السياسة والحروب لا تعرف الصدف، ولكن تعرف التنسيق والمصالح والتخطيط. نظامان مجرمان يشتركان في قتل العرب لهما الشخصية المجرمة نفسها، ولا يعرفان سوى لغة البطش والقتل. من الضروري جدا أن يكونا في القارب نفسه وعلى الهدف نفسه، لأنهما، كما أثبتت الأيام، من الأسباب الأساسية لآلام وأوجاع العالم العربي.

إسرائيل تحب نظام بشار الأسد وترغب في بقائه وستبذل كل الجهود في الظاهر والباطن للعمل على ذلك. ويبقى هناك من يقول إن نظام بشار الأسد نظام مقاوم!

يا لها من نكتة.

[email protected]