الأم أوباما

TT

بين الأب الأسمر والأم البيضاء، هذه المرة وقع الظلم على الفريق الأبيض بينهما. كان اسمها آن دنهام، من ولاية كنساس الزراعية التي اشتهرت في أفلام الكاوبوي. والدها بائع مفروشات، وأمها امرأة بسيطة تهوى تقليد نجوم السينما. توفيت آن عام 1995 عن 57 عاما من مرض عضال ولم تستطع إقناع الضمان الاجتماعي بتأمين تكاليف العلاج. بسبب ذلك حارب باراك أوباما لإقامة نظام التأمين الطبي، فقد كانت تلك السيدة أمه.

تحدث وكتب أوباما القليل عن أمه وكتب الكثير عن أوباما الأب، الكيني الذي توفي في حادث سيارة بينما كان أوباما الابن في الثانية من العمر. وإذ تولت أمه تربيته أرادته أن يكون أفريقيا: «أن أكون خليطا من ألبرت آينشتاين والمهاتما غاندي وهاري بيلافونتي». والأخير أحد مغني الزنوجية الأميركية، وقد تعرفت إليه وحضرت حفلة غنائية خاصة أقامها في نيروبي خلال احتفالات الاستقلال.

أقرأ الآن «امرأة فريدة: حكاية والدة باراك أوباما التي لم تروَ»، لأنه عندما فاز في الرئاسة الأميركية في الدورة الأولى قرأت كل ما كتب هو وما كتب الآخرون عن أبيه. فالمثير لم يكن أن والدة الرئيس الجديد أميركية بل أن والده كيني مسلم: «لقد تزوجت آن دنهام أفريقيا يوم كان الزواج المختلط ممنوعا في 24 ولاية أميركية على الأقل. وهذه المرأة سوف تنتقل مع ابنها الطفل إلى جاكرتا وهي في الـ24 من العمر، حيث كان الأمر غريبا أيضا. وهناك انكبَّت على وضع أطروحة الدكتوراه عن موضوع غريب على الأميركيين: «أصول الحياة في ولاية جاوا».

كانت آن قد تعرفت إلى اللغة الجاوية في جامعة هاواي، وهناك بدأت صلتها بحركة الحقوق المدنية أيضا وهناك التقت بباراك أوباما الأب (24 عاما)، هي كانت في السابعة عشر وسهلة الوقوع في حب رجل طاغي الحضور. كان ذلك العام 1960 و1961 ولد أوباما الابن. تقبل والداها نبأ الزواج المختلط برضا، لكن والد الزوج كتب إليها رسالة يقول فيها إنه «يرفض أن يتوسخ دم آل أوباما بامرأة بيضاء». لم يدم الزواج طويلا. عام 1964 طلب الطلاق، وعاد هو إلى كينيا عام 1965، بينما بدأت العلاقة مع زوجها الثاني، لولو سوتورو، وهو طالب من جاوا.

في جاكرتا أرادت لابنها منشأ إندونيسيا وتعليما أميركيا كما يقول أوباما في «أحلام من أبي». كانت ترفض الاختلاط بالجالية الأميركية في حين كان زوجها يندمج مع أعضائها بسبب عمله في شركة نفط أميركية. وفي جاكرتا اكتشف الفتى أوباما أن مسألة اللون والبشرة تلعب دورها أكثر مما في أميركا. أما الأم فكانت تترك العاصمة إلى القرى والغابات التي تدرس عاداتها وحياتها. من أمه تعلم أوباما الجدية المطلقة وتفهم طرائق حياة الآخرين في الحياة: ليسوا غرباء بل آخرون. ولم يكن يحلم بأنه سوف يكون ذات يوم الغريب الذي يقيم في البيت الأبيض. ربما مرتين.