كلبة الرئيس

TT

يستنكر عدد من الكتاب موقف فلاديمير بوتين في سوريا وفي غزة. مع النظام هنا ومع العدوان هناك. هذه نوايا طيبة ومشاعر نبيلة لكن فيها شيء من نقص المعرفة في طباع ضابط الـ«كي جي بي» السابق، الذي بدأ حياته المهنية في ألمانيا الشرقية. فقبل أن يلين قلب بوتين لما يحل بالسوريين يجب أن يبدأ بالروس، مواطنيه.

لا تزال موسكو تتذكر انتخابات 2003. بعدما أدلى بوتين بالاقتراع لنفسه، مجددا الثقة بعظمته، كان الصحافيون ينتظرون منه كلمة ما. ففي صباح ذلك اليوم وقع انفجار إرهابي في قطار شرق القوقاز أدى إلى مقتل 13 شخصا.

توقع الصحافيون أن يظهر القائد بوجه حزين، لكنهم فوجئوا به، على غير عادة، عريض الابتسامة، شديد البشاشة. ماذا؟ هل أكد فلاديمير فلاديميروفيتش التجديد لنفسه في الكرملين؟ لا. ثمة ما هو أكثر أهمية هذا الصباح.

تبلغوا يا صحافيي الجمهورية الاتحادية الروسية، أن كلبة الرئيس، كوني، (لابرادور) قد وضعت مواليدها اليوم. وتدخلت السيدة بوتين من خلف ظهره لتضيف: «كان فلاديمير فلاديميروفيتش شديد القلق على كوني، ونحن في عجلة من أمرنا للعودة إلى المنزل». هل من كلمة عن حادثة القطار في القوقاز؟ ولا كلمة.

ماذا لو وقف رئيس دولة رأسمالية يبلغ شعبه نبأ سعيدا إلى هذه الدرجة؟ نسي فلاديمير فلاديميروفيتش أن مدن روسيا مزدحمة بالمشردين الذين لا مأوى لهم، وفاته أن مزارعا قتل لصا لأنه سرق من أرضه ستة رؤوس بطاطا هي كل ما جاد به الموسم. وحدث الروس عن مدى سعادته بجراء كوني.

جورج بوش الأب اعتبر وقحا وفظا عندما قال في حملته إن كلبته ميلي تعرف في السياسة الخارجية أكثر من المرشح بيل كلينتون. كثيرون قالوا يومها إن تلك الجملة الرديئة كانت سببا مهما في سقوطه. الناس تفضل لغة البشر على لغة الكلاب، ولو أنها تردد قول جورج برنارد شو: «كلما ازددت معرفة بالبشر ازددت حبا بالكلاب».

الزملاء الذين ينتظرون موقفا «إنسانيا» من مشاعر بوتين وسيرغي لافروف في سوريا، يجب أن يدرسوا جيدا ملامح الرجلين. يذكرني ذلك بالحوار الشهير بين ريتشارد نيكسون ونيكيتا خروشوف حول ممارسة الحرية في بلديهما. قال خروشوف: انستاس ميكويان يحب الشورباء حارة وأنا لا أمانع في ذلك. لكن الأرمني لافروف بعيد جدا عن أن يكون الأرمني ميكويان.