مصر تضمن عدم وصول السلاح.. ومشعل يطلب المزيد

TT

بعد ساعات قليلة من إعطاء مصر ضمانات التفاهم على وقف القتال بين غزة وإسرائيل، عقد خالد مشعل مؤتمرا صحافيا في القاهرة، شكر فيه جمهورية إيران الإسلامية على مساعدتها بتقديم السلاح المتطور، الذي مكن حماس من تهديد أمن إسرائيل في تل أبيب والقدس. كما أكد رمضان عبد الله شلح - قائد تنظيم الجهاد الإسلامي في غزة - أن الفصائل الفلسطينية استخدمت أسلحة إما إيرانية الصنع أو تم تمويل شرائها بمال إيراني. ورغم أن تفاهم وقف القتال الذي أعطت القاهرة ضمانات بتنفيذه يجعل مصر مسؤولة عن منع وصول السلاح إلى غزة، دعا رئيس المكتب السياسي لحماس الدول العربية إلى السير على خطى الدولة الفارسية وإرسال السلاح إلى غزة لدعم المقاومة.

ورغم أن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني نفى أن تكون بلاده قد أرسلت صواريخ «فجر 5» إلى غزة، فقد أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أنه ينبغي تجهيز الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم ضد إسرائيل، مؤكدا أن «تحالف إيران مع الجماعات الإسلامية الفلسطينية سيبقى قويا». كما دعا حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الدول العربية إلى إرسال السلاح لغزة، وقال من مخبئه خلال إحياء ذكرى عاشوراء «المطلوب من الدول العربية دعم المقاومة وتسليحها»، معتبرا أن «التحدي الحقيقي والعروبة الحقيقية والإسلام الحقيقي هو أن تملك الدول العربية الجرأة على إرسال السلاح» إلى غزة قبل نفاد مخزونها. وهاجم العرب قائلا إن «أغلب العرب أصبحوا نعاجا».

وبينما اعتبرت كل من غزة وإسرائيل أنهما خرجتا منتصرتين من هذه المعركة، فإن مصر هي الوحيدة التي تحملت الخسارة رغم عدم مشاركتها في القتال. فقد أعلن إسماعيل هنية، رئيس وزراء غزة، أن شعبه انتصر على العدوان الإسرائيلي بسبب صموده أمام هجمات الطيران الإسرائيلي، وتوقع خالد مشعل أن تنتصر غزة في الجولات القادمة بعد حصولها على المزيد من السلاح الأكثر تطورا، وتتمكن من تحرير فلسطين.

وفي القدس أعلن إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي، أن كل أهداف عملية «عمود السحاب» قد تحققت، بعد توجيه ضربة مؤلمة لحماس والجهاد الإسلامي، كما قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، إنه في حال فشل التهدئة فستدرس إسرائيل القيام بعمل عسكري أشد قوة.

ورغم أن بعض المحللين العرب يعتبرون عدم قيام إسرائيل بهجوم بري على غزة بمثابة هزيمة، فإن الإسرائيليين يعتبرونه نوعا من الحكمة في هذا الوقت بالذات. ذلك أن المعركة الرئيسية التي تستعد لها إسرائيل الآن ليست مع حماس وغزة، وإنما مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني. ولهذا كانت صواريخ حماس الإيرانية بمثابة تجربة للقبة الحديدية التي نشرتها إسرائيل مؤخرا، للتعرف على نقاط الضعف حتى تتمكن من إصلاحها قبل مواجهة صواريخ حزب الله. كما أن دخول مصر كضامن لتصرفات غزة وضع إسرائيل في موقف أفضل، حيث إن مصر ستصبح هي المسؤولة عن كل صاروخ تطلقه فصائل غزة على إسرائيل بعد ذلك. فرغم أن إيران كانت هي المصدر الرئيسي للسلاح الذي حصلت عليه حماس، فإن سيناء مصر كانت هي الطريق الوحيد لوصول هذا السلاح إلى غزة. وقد نشرت الصفحة الرسمية لسلاح الجو الإسرائيلي في 2012/11/16 فيديو مصورا، يبين كيف وصلت الأسلحة المتطورة التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية إلى قطاع غزة، وبيّن الفيديو وجود شبكة من الأنفاق الكبيرة تمتد على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة.

وقد نشرت جريدة «الدستور» المصرية تقريرا عن كيفية وصول السلاح إلى قطاع غزة منذ سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الأوضاع في مصر:

«قبل قيام الثورة (في 2011) كانت الأنفاق تعمل تحت رقابة شديدة من أمن الدولة والجهات السيادية.. وهناك اتفاق غير مكتوب أن يتم تهريب أي شيء بمطلق الحرية والاستفادة للمهربين وأصحاب الأنفاق، مقابل أن يتم الإبلاغ عن تهريب السلاح والأشخاص والأجهزة الممنوعة.. لكن الأمر اختلف كثيرا عقب قيام الثورة في مصر، وبعد النفوذ الذي بدا لـ(الإخوان المسلمين) في مصر، الأمر الذي انعكس على الأمور في غزة، حيث شعر (الإخوان) في حماس بأن لهم ظهرا مساندا، واختلف الأمر كثيرا في طبيعة عمل الأنفاق وفي التهريب.. وأصبحت الحدود حاليا (سداح مداح)، وهو ما يفسر دخول عناصر من جيش الإسلام وجند الشام - وهما تنظيمان في غزة - حيث قامت مثل تلك التنظيمات بالاشتراك مع عناصر التكفيريين في الهجوم على المقرات الأمنية في سيناء والعريش» (جريدة «الدستور» - 2012/11/20).

كان أهم المكاسب التي حصلت عليها حماس نتيجة للصراع الأخير هو التزام الحكومة المصرية بفتح معبر رفح أمام الأفراد والبضائع، بحرية تامة. وفي لقاء له مع بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، أكد هشام قنديل، رئيس الوزراء المصري، أن مصر قررت «إنهاء الحصار المفروض على غزة»، معتبرا أن هذا القرار يدل على أن «مصر عادت إلى دورها الإقليمي في المنطقة». لكن السؤال الآن هو: هل تستطيع مصر منع الفصائل الفلسطينية من مهاجمة إسرائيل، وما هو الثمن الذي ستدفعه القاهرة في حالة تم خرق اتفاق الهدنة؟