مددت لها يدي (لتكشف لي الطالع)

TT

قرأت لمراسل صحافي أميركي يقول:

كنت أقيم بالإسكندرية لبضعة أيام في صيف عام 1936، منتظرا طائرة تقلني إلى ميدان القتال في الحبشة بعد هجوم موسوليني عليها، وحدث في صباح ذات يوم أن سرت في ميدان محمد علي مستعرضا بعض المتاجر والمقاهي القائمة فيه، فلفت نظري رجل مديد القامة، غريب الزي، يلبس عمامة من حرير أخضر.

تركته ومضيت في حال سبيلي وتفاجأت به يلحقني ويطلب مني أن يفسر لي أمرا يخصني، فسألته عن ذلك الأمر فقال: إنني رأيت ثلاث هالات فوق رأسك وسوف تظفر بثروة بعد ثلاثة أعوام.

وفجأة ذكر لي اسم والدي (أدريان) وأنه بخير، واسم والدتي (انتونيا) وأنها توفيت الآن.

ونظرا لأنني تلقيت قبل أيام برقية من كندا حيث تقيم والدتي تخبرني أنها بصحة جيدة، فجزمت أن ذلك الهندي رجل دجّال.

فسألته متهكما أنني لا أطيق الانتظار ثلاث سنوات حتى تنزل علي الثروة، ألا يمكن أن تعجلها؟!

قال من الممكن جزئيا لا كليا، ولكن عليك إذا أردت ذلك أن تشترك بمسابقة (يا نصيب)، وأن تضع الأرقام على السنة والشهر والأسبوع واليوم والساعة التي ولدت بها، ولا تنس أن تضع في آخرها رقم 43.

بعدها نهض من عندي مودعا دون أن يطلب أي نقود أو مساعدة.

وذهبت إلى الفندق، وفي اليوم التالي وصلتني برقية تخبرني أن والدتي توفيت ولكن البرقية وصلت متأخرة لأنها أرسلت أولا إلى أديس أبابا ثم أعيدت إلى الإسكندرية.

عندها تذكرت الهندي ووعده لي بالثروة، فاتصلت بزوجتي في باريس وطلبت منها أن تشترك (باليانصيب) وتضع الأرقام حسب ما رتبها ذلك الرجل.

وبعدها ذهبت إلى الحبشة ومكثت هناك ستة أشهر، ثم عدت إلى باريس، وفي الصباح فوجئت بزوجتي توقظني وهي تصيح تبشرني قائلة ربحنا بعد سحب (اليانصيب)، (مائة ألف فرنك).

ومرت الأيام والأشهر، انتقلت فيها من فرنسا إلى سوريا ثم إلى السعودية ثم إلى فلسطين، وفي عام 1938 عدت إلى نيويورك، وهناك طلب مني أحد الناشرين أن أجمع مذكراتي ليطبعها في كتاب، وهذا ما حصل.

وما أن حل عام 1939 وهو الموعد الذي تنبأ لي الهندي فيه بالثروة، حتى كان كتابي يتصدر قائمة أكثر الكتب رواجا في السوق، وقد بيع من الكتاب 300 ألف نسخة في أميركا عام 1939. وعدد أكبر في عام 1940 وترجم الكتاب إلى ثماني عشرة لغة أجنبية، وبلغت النسخ المبيعة منه في الخارج نحو مليون نسخة.

وهكذا تحققت نبوءات الرجل الهندي - انتهى.

حينما أوردت ذلك الذي قرأته، فهذا لا يعني على الإطلاق أنني مؤمن بمثل هذه (الترهّات أو الخزعبلات) - سموها ما شئتم - لأن الذي يعلم الغيب هو وحده العزيز الجبار.

ولكنها قد تكون محض صدف، أو (خبط عشواء) مثلما يقولون.

وقد سبق لي أن مددت لامرأة لطيفة كانت تنصب ما يشبه الخيمة في أحد (مولات) بيروت، لتكشف الطالع لمن يريد، فتوقفت عندها مليا ووجدتها (بنت حلال)، لهذا مددت يدي لها لكي أرفع من معنوياتها فقط، وأسرح بها وآكل في نفس الوقت بعقلها حلاوة.

وفي النهاية نصحتها نصيحة أخوية أن تترك مهنتها هذه، وتبحث لها عن (شغلة) أخرى.

[email protected]