أي نموذج للرئيس المصري

TT

سبقت النكتة كل شيء آخر في مصر، وثمة من سمى الرئيس محمد مرسي محمد «مورسيلني». ولسنا نعرف إن كان الرئيس المصري يريد الاقتداء بنموذج معين في الحكم، أم يفضل أن يؤسس لنموذجه الخاص في بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. الأنظمة التي ألغتها 25 يناير (كانون الثاني)، أمامه. أو بالأحرى خلفه. والأنظمة التي سادت في العالم العربي، مشرقا ومغربا، أمامه، أقربها إليه السودان، الذي عرف الشراكة بين الشيخ والمشير، ثم الشيخ في السجن والمشير يرفع عصاه.

إذا كان الرئيس مرسي يريد نقل أسلافه، أو الاستعانة بتجارب جيرانه، فلا صعوبة في الأمر. «إعلان دستوري» آخر ثم إعلان حالة الطوارئ (مؤقتة لنصف قرن) ثم توسيع سجن طرة. كل هذا حدث من قبل بلا عوائق كثيرة. المشكلة الآن في التوقيت. العالم على مشارف 2013. والعرب الذين استكانوا عقودا طويلة، ينزفون كل يوم ضد الديكتاتوريات بجميع تقاسيمها. والعالم الذي يطل عليه الدكتور مرسي في نادي الرؤساء، لم يعد في القرن العشرين الذي شهد صعود وأفول أسوأ الديكتاتوريات في التاريخ.

التحدي أمام رئيس مصر، ليس في النقل والتقليد. علي عبد الله صالح كان أيضا يجمع مليون رجل في صنعاء. وبشار الأسد كان يجمعهم ومعهم علم طويل. واختص القذافي في مظاهرات التأييد بجعل النساء في مقدمة الهتافين. نتمنى ألا تفتح مصر باب المبارزة بالمليونيات لأنه لا ضرورة لها هنا. فقد جرت انتخابات سليمة سمت مرسي رئيسا ولو بأقلية ضئيلة. لكن تلك النسبة أعطته الرئاسة ولم تعطه مصر ولا شعبها ولا نظامها. انتزعت له من أجل مصر حرة مفكرة حالمة تناقش وتبدي رأيها في شؤونها وحياتها ومصيرها.

انتخبت مصر رئيسا لا إلها. نزلت إلى ميدان التحرير لتعلن نهاية زمن الإله والفرعون، وليس لأن يضحك عليها باللعب على الكلام، بحيث يسمى نسف روح الدساتير «إعلانا دستوريا» بدل أن يوصف بحقيقته: البلاغ رقم واحد.

ألم تر أن العالم يتخفف من ثقل الديكتاتوريات وجزماتها، وأنه يدمى ويموت، رفضا للغتها الفوقية المتغطرسة والمذلة: لا يناقش ولا يطعن عليه؟ لماذا إذن البرلمانات والمحاكم الدستورية والصحف وكرامات الناس؟ ولماذا الوصول بالطرق الدستورية، إذا كانت كل جسورها سوف تنسف؟ تجنب المصريون وصول عسكري خوفا من أن يعود إلى بزته وعاداته فور الفوز، فإذا بالمدني قد خبأ في خزانته ثوبا عسكريا لم يؤلف من قبل. صحيح أن العسكر يرفضون النقاش لكنهم لا يضعون ذلك في إعلان دستوري.