الخلافة وما أدراكم ما الخلافة؟!

TT

بعد أن فاز حزب (الحرية والعدالة)، وهو الذراع السياسية (لجماعة الإخوان المسلمين) المصرية، أدلى المرشد العام للجماعة (محمد بديع) بتصريح صريح قال فيه بالحرف الواحد: بعد أن حصل حزب الحرية والعدالة على الأكثرية في مجلس الشعب والشورى - يبدو أن حلم الشيخ (حسن البنا)، مؤسس الجماعة، في إحياء الخلافة الإسلامية قد اقترب.

وعقب هذا الكلام، وردت تصريحات أخرى أكثر وضوحا، أبرزها تصريح القطب الإخواني الداعية الديني المعروف (صفوت حجازي) بأنه سيتم إحياء الخلافة الإسلامية وستكون عاصمتها القدس، وستصبح مصر مجرد ولاية إسلامية من بين الولايات التي تضمها الخلافة، إذن كان للمرشد السابق للجماعة الحق - ولا تثريب عليه - عندما قال بالفم المليان: (طز في مصر).

كما أنه سبق للكاتب والمفكر المصري (سيد ياسين) أن دخل في عام 1994 في حوار طويل مع (يوسف القرضاوي)، وقد تحدث القرضاوي عن حلمه بعودة نظام الخلافة من جديد - انتهى.

ودعونا - بالله عليكم - أن نلقي ضوءا، ولو خافتا، على نظام (الخلافة) هذا، الذي صدعوا به رؤوسنا، وإليكم فقط هذه الشهادة الميدانية الموثقة، التي كتبها أحد الرحالة العراقيين في مذكراته عندما ذهب إلى الهند في أواخر القرن التاسع عشر، عندما كانت الخلافة الإسلامية ما زالت ترفع أعلامها، يقول: «إن جنود الإنجليز في الهند كلها لا يتجاوزون السبعين ألفا، وسكان الهند أكثر من ثلاثمائة مليون نسمة، ومع ذلك فإن الأمن مستتب فيها، والجرائم قليلة، والعدل شامل الجميع، والرشوة غير معروفة، فرأينا الفرق عظيما بين إدارة الإنجليز وإدارة حكومة (الخلافة الإسلامية العثمانية)، فسكان تركيا لا يتجاوزون العشرين مليونا، والجنود الذين تحت السلاح أيام السلم يبلغون خمسمائة ألف جندي، ومع ذلك فالإدارة مشوشة والرشوة ضاربة أطنابها في كل الدوائر الحكومية من أكبر وزير إلى أصغر موظف، ولذا أضحت الجرائم لا تحصى، وكانت عصابات الأشقياء بلا عد، وغزوات العشائر الكردية والبدوية بلا انقطاع، والنفور مستحكم بين المسيحي والمسلم، وبين الطوائف النصرانية نفسها، وكذلك بين الفرق الإسلامية؛ أي الشيعيين والسنيين. لأن دأب موظفي الحكومة إلقاء بذور الشقاق بين أفراد الرعية ليبتزوا أموالها دون استثناء، فالرعية العثمانية كلها شقية تاعسة لسوء إدارة الحكومة، وقد قال أحد ساسة الولايات المتحدة وكان سائحا في تركيا: (لقد رأيت أمرا غريبا في الشرق الأدنى، رأيت حكومة تكره رعيتها والرعية تكره حكومتها)» - انتهى.

هذه هي الخلافة (المثالية)، أهديها لبعض من تغيبت عقولهم، وما زالوا إلى الآن يحلمون بعودتها.

هذه هي الخلافة يا حضرات، خذوها واشبعوا فيها (!!).

[email protected]