السيدة والسادة مستشارو الرئيس

TT

أسأت الظن في بعض المثقفين المصريين عندما انضموا إلى طاقم المستشارين في مكتب الدكتور محمد مرسي. أخفقت في أن أرى أي انسجام أو تلاق بين دعاواهم الفكرية والوظيفة التي سوف ينتقلون إليها. وبعضهم كان يمثل، في سيرته الطويلة، عكس ما يمثل الرئيس المصري الجديد. فهو قادم من تنظيم سياسي له مفاهيمه وثوابته، وهم ينتمون إلى نظرة مختلفة تماما لدولة المستقبل وإلى ولادة مصر الديمقراطية.

بعض الظن إثم. وقد خُيِّل إليّ أن هؤلاء السادة، ومعهم الأستاذة سكينة فؤاد (ليلة القبض على فاطمة) تركوا كثيرا من ألق المهنة إلى إغراء ما يسمى في مصر «الوظيفة الميري»، أو ما كان يسميه محسن محمد ضاحكا، جادا: الحكومة! أقسى ما عندي هو إساءة الظن. إنها سوء مجاني يدل على صغر صاحبه أكثر من أي شيء آخر. وهو شبيه بالنميمة والافتراء والشائعة السامة.

أعتذر من السادة المستشارين جميعا ومن السيدة الفائقة الاحترام سكينة فؤاد، بصورة خاصة.

لقد استقالوا، خارجين من دائرة الرئاسة، عائدين إلى ذواتهم، في اللحظة التي شاهدوا فيها العنف على أبواب قصر «الاتحادية». أمام العنف، على المرء أن يتخذ قرار العمر والضمير. ليس من حالة رمادية في مثل هذه الحالات. إما أنك جزء من ماضيك ومما عُرفت به ومما دعوتَ إليه، وإما أن المسألة كلها تهريج متنقل من حال إلى حال.

لم نكن في حاجة إلى استقالة عمرو الليثي وسكينة فؤاد وأيمن الصياد ورفاقهم، كي نتعرف إلى معادنهم. والواقع أننا نتمنى أن يبقوا في القصر من أجل أن يتركوا فيه أمرهم الفكري ومستويات القِيَم التي طالما نادوا بها. لكن يبدو أن أحلامهم ونواياهم وربما نوايا الرئيس مرسي نفسه، كانت أبعد مما تريده «القوى» الحقيقية في مصر. لذلك رأينا الدكتور مرسي ينقلب على نفسه ويقلب مصر معه. ورأينا حول القصر الجمهوري نوعا آخر من البلطجية يريدون الإنابة عن الرئيس وليس الدفاع عنه. لكن هذه المرة رأت مصر الفرق بين الشجاعة الأدبية والأخلاقية وشجاعة العنف والصراخ وخبرة الدوغمائية. لقد رأينا الوجوه الهادئة مثل عمرو موسى ومحمد البرادعي تتقدم صفوف المواجهة. لن يسمح المصريون لأي كان بأن يخطف مصر إلى أي مكان خارج مصر. ما الفرق بين «موقعة الجمل» وساحة الاتحادية؟