ماذا يعني إسقاط مرسي؟

TT

هل «حلف الفلول» يستهدف من حملته الشرسة رأس الرئيس مرسي؟ الجواب «نعم»، فتصريحات رموز «الجبهة» تلميحا وتصريحا مبثوثة في وسائل الإعلام وليست أحاديث مسربة من اجتماعاتهم المغلقة، وإلا ماذا يعني البرادعي حين يصرح بأن النظام فقد شرعيته؟! وقبل مواصلة مناقشة الفكرة أود أن أنبه أننا حين نستخدم مصطلح «الفلول» لا نعني فلول نظام مبارك في دائرته الضيقة مثل عز وسرور وشريف وشفيق والمنتفعين بقربهم منه فحسب، بل نقصد به أيضا كل من اتخذ من النظام أو آلياته أو أفراده درعا في مناوأة المنافسين، وانتفع من النظام السابق سياسيا أو اقتصاديا أو آيديولوجيا.

«حلف الفلول» يستغبي الناس حين يحاول أن يقنعهم أن كل هذا التجييش والتحشيد في الشارع المصري ضد حاكم منتخب هو بسبب قرارات دستورية مؤقتة يسقط مفعولها بعد بضعة أيام حين يقر الشعب المصري الدستور من خلال تصويت نزيه ونظيف، والدليل على نجاح تنظيمه وحياديته أن النتائج الأولية لهذا التصويت أظهرت فارقا بسيطا بين الموافقين والرافضين، كما لا يمكن أيضا أن يصدق الناس أن حشد «حزب الفلول» لمؤيديهم أمام قصر الرئيس (وهو تصرف خطير وغير بريء) بسبب مادتين أو ثلاث في الدستور، والكل يعرف أن رموز هذا الحلف شاركت في طبخ الدستور ستة أشهر ثم قررت انسحابها الجماعي المفاجئ لتخلق أزمة في البلد لم يبرأ منها إلى الآن، وهو نفس التكتيك الذي اتبعه الأمن المصري أيام مليونيات التحرير التي أرادت إسقاط النظام، إذ انسحب رجال الأمن فجأة من الشارع المصري كي تخلق فراغا أمنيا يجعل المصريين يؤمنون بأن عمش النظام خير لهم من عمى الثورة.

يبقى السؤال الأهم هنا: هل أدرك «حلف الفلول» ما هي تداعيات محاولاتهم إسقاط الرئيس مرسي، بالإصرار على تنظيم المظاهرات أمام قصره، وتسلق مؤيديهم حواجزه الخرسانية، دون كلمة اعتراض منهم، ثم عدم التنديد بمؤيديهم الذين أحرقوا أكثر من 25 مقرا للإخوان وحزب الحرية والعدالة؟ الجواب «لا»، فيبدو أن المناكفة الحزبية أعمت أعينهم عن خطورة الدعوة لإسقاط رئيس منتخب.

دعونا نفترض أن «حلف الفلول» نجح من خلال خلق الأزمات والتصعيد في إسقاط الرئيس مرسي، هنا ستكون مصر قد خسرت رهان دمج الحركات الإسلامية السلمية بشقيها الإخواني والسلفي في العملية الديمقراطية، هذا الدمج الذي وصل إلى درجة قبول التيار السلفي العملية الديمقراطية والتصويت على مواد في الدستور كانوا يرون كفريتها، وفي المقابل سيساهم إسقاط الرئيس في فسح المجال لصعود التيار المتطرف كـ«القاعدة» ومن دار في فلكها، وهذا سيكون تأثيره أشد على شباب الجماعتين (الإخوان والسلفيين) وكبيرا، إذ ستدفع هذه المتغيرات شباب هاتين الحركتين بسبب اليأس والإحباط للتحول إلى المعسكر الذي يؤمن بالسلاح طريقا للتغيير، وهذا بلا ريب منزلق غاية في الخطورة وسيؤدي بمصر إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، والكارثة أن تأثير لهيب هذه النار سيخنق بقية المنطقة، فكلنا نعرف أن مصر إذا عطست أصيبت بقية الدول العربية بالزكام.

ينسب إلى المرشح السلفي حازم أبو إسماعيل أنه قال «إذا اقتحم المتظاهرون قصر الرئيس مرسي، فسنعلنها ثورة إسلامية وسنعلن بيانها الأول من (ماسبيرو)»! تصوروا كيف أثرت حالة الإحباط عند سلفي كهل كانت جماعته إلى وقت قريب لا ترى شرعية الثورة على نظام مبارك! فما بالك بشباب أشد اندفاعا وأكثر حماسة؟! هنا ندرك أن «حلف الفلول» بعمله على إسقاط رئيس منتخب يلعب بورقة غاية في الخطورة.

[email protected]