الأسد: نظام «مَيِّته» مقطوعة!

TT

يتابع العالم تصريحات المندوب الأممي المعني بالملف السوري الدبلوماسي المخضرم الأخضر الإبراهيمي بعد مقابلته للرئيس السوري بشار الأسد، ووجدوا الرجل ما زال يبدي «قلقه» جراء الوضع المتدهور على الأراضي السورية. الأخضر الإبراهيمي رجل متمرس ويعلم جيدا «حجم» الخطر السوري ونفوذ نظامه وتهديده، فهو شاهد ذلك بنفسه إبان توليه ملف الحرب الأهلية اللبنانية وقيامه بدور الوسيط بين الأطراف المتحاربة والمتنازعة.

نظام الأسد قام باستقبال زيارة الإبراهيمي بمذبحة جديدة بحق شعبه بخبز في ريف حماه، مات من جراء قصف القوات الأسدية المجرمة أكثر من 300 من الأبرياء. سيكون صعبا جدا على كتبة التاريخ اليوم ولاحقا أن يجدوا نظاما اتفق على «احتقاره» و«كراهيته» هذا الكم من البشر سواء من السوريين أنفسهم أو من المجتمع الدولي.

بشار الأسد تحول إلى أيقونة للشر والقتل وأصبح رمزا للدم ومادة أساسية في النكات والطرف التي تسخر منه كشخص وحاكم. نظام بشار الأسد الذي ورثه بشكل هزلي وكوميدي من أبيه في جلسة لمجلس الشعب السوري تم «سلق» الدستور وتغييره في دقائق ليصبح رئيسا للبلاد.. هذا النظام بني على إرهاب وإرعاب الشعب وتكريس التفرقة بين أبنائه، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ولكن النظام كرس فكرة «الكذب» بشكل ممنهج فروّج لفكر علماني وهو يؤسس للطائفية، وروج لفكرة المقاومة وهو يعادي الفلسطينيين أكثر من أكبر أعدائهم، وروج لفكرة القومية العربية وهو في ذات الوقت يكرس لمنهجية الفتنة والتشتيت والتمزيق بين الأوطان والشعوب العربية.

الثورة السورية ليست مجرد نصرة لطموحات الشعب السوري المظلوم تحت أسوأ الأنظمة، ولكنها أيضا كاشفة لمساوئ وخطايا وذنوب ومعاصي هذا النظام الذي كان «خديعة» كبيرة و«كذبة» أكبر عاشها الملايين من العرب لسنوات ليست بالقليلة. هذا الفضح وكشف الغطاء عما كان مخفيا ومحجوبا هو الذي يفسر أيضا حدة وبشاعة المنهج الإجرامي من قبل نظام بشار الأسد بحق شعبه ليقدم على استخدام الغازات السامة وصواريخ سكود وغيرها من الأسلحة الفتاكة المدمرة، إنها كلها نماذج من الوحشية والافتراس الذي أصاب بشار الأسد الذي أدرك أنه لن يتمكن من صد التوسع المتنامي للجيش الحر وتوسع انتشاره بشكل واضح فوق الأراضي السورية، مفسرا بشكل عملي معنى زيادة نفوذ الثورة والثوار.

التذمر والقنوط من النظام وصل إلى داخل الدائرة المغلقة لبشار الأسد، فلم يسلم منه منسوبو الجيش ولا الاستخبارت ولا مجلس النواب ولا الوزراء ولا الدبلوماسيون بكل الطوائف ومن كل المناطق بلا استثناء. التدمير الممنهج لجيش الأسد بحق كل مدنه الثائرة والقتل العشوائي بلا رحمة ولا هوادة هو قتال «المفارق والمودع» الذي يعلم بداخله أنه لا يمكن أن يكون لديه القدرة على «حكم» البلاد مجددا ولا السيطرة عليها لاحقا، وعليه يبقى الغرض من هذه الهجمة الأسدية على شعبه هو شهادة عجز وفشل كبير جدا لوعود النظام الإصلاحية المضللة والكاذبة، وأن المؤامرة الكونية على النظام ما هي إلا كذبة أخرى مثلها مثل الحرب التي يدعي النظام أنه يقوم بشنها على ما يسميه «العصابات المسلحة»، كل تلك الأكاذيب التي عاش النظام يروج لها عبر أبواقه وأدواته لم تجد لها سوقا ولا «مشتريا» جادا يقبل بهذا الهراء والعبث.

وما كل تلك المسائل سوى تأكيد وبرهان على أن النظام الأسدي الذي جاء بشكل مريب وغامض مليء بعلامات التعجب والاستفهام وعلى جثث الأبرياء لم يستفد حقيقة منه سوى أعداء العرب. ليس هناك أسوأ من نظام بشار الأسد في حقيقة الأمر إلا من يؤيده ويبرر له ويحاول إيجاد الذرائع والحجج له بشتى الطرق والوسائل. زيادة الوحشية والهمجية من قبل نظام بشار الأسد بحق شعبه لها علاقة مباشرة بإحساس الأسد بصعوبة الوضع واستحالة حسم المعركة لمصلحته وعدم وجود أدلة على أرض الواقع تؤكد أن كفة قواته ترجح وتقوي وضعه، بل على العكس تماما، فالتأييد الذي كان له مظاهر شعبية اختفى وباتت مظاهر تأييد الثورة والثوار لها الكفة الأهم في ميزان القوى.

نظام بشار الأسد أُسس على الباطل والتضليل والكذب والخوف والترهيب، وهي أدوات مهما كانت فعالة ومهمة وقوية لكنها تبقى قصيرة الأجل وغير مستدامة أبدا. والتاريخ يعلمنا أن هذه الأنظمة لا تستمر، وأن الشعب متى ما قام ضدها فهي إلى زوال سريع. وسيكون قريبا نظام بشار الأسد مادة تدرس في كيفية أن لا تحكم شعوبك. سيرحل بشار الأسد ونظامه غير مأسوف عليه أبدا، وسيلقى هذا الخبر قدرا من الفرح لا يمكن قياسه.

[email protected]