مع بداية العام الجديد قررت أن أتناول قدحا من القهوة التركية السادة عقب طبق فول عبقري، وبينما أنا أشعر بردود فعل هذا الإفطار اقتحم عليّ عزلتي مواطن عربي غير عادي وسألني:
الرجل: يا أستاذ ممكن أسألك سؤال صعب؟
العبد لله: تحت أمرك.
الرجل: هوه حضرتك مش واضح كده زي كل الناس ليه؟
العبد لله: مش فاهم!
الرجل: يعني لا يمكن معرفة أنت مع الحكومة على طول الخط أو ضدها، ولا مع التيارات الإسلامية ولا ضدها، ولا مع الأميريكان ولا ضدهم!
العبد لله: أنا محلل سياسي، أنا أقوم بتحليل الموضوع بعيدا عن طبيعة رؤيتي الخاصة أو علاقتي بالأشخاص.
الرجل: لكن لازم يا أستاذ يكون لك موقف قوي بطريقة «مع» أو «ضد».
العبد لله: قصدك إني أكون دائما لديّ مواقف مؤيدة لبعض القوى على طول الخط ومعادية لآخرين مدى الحياة؟
الرجل: بالضبط يا أستاذ! عاوزين لك موقف زي مواقف تشجيع الكورة، إما إنك أهلاوي أو زملكاوي!
العبد لله: السياسة تختلف عن الكورة يا باشا لأن فيها مواقف متغيرة وعناصر كثيرة لا يمكن السيطرة عليها.
الرجل: على الأقل يا أستاذ لازم يكون لك موقف من الدين!
العبد لله: أزاي يعني، أنا والحمد لله راجل يعرف ربنا كويس والحمد لله.
الرجل: لازم تهاجم الناس دول بتوع «العلمانية».. دول بينكروا ربنا، هوه حضرتك من التيار «العلماني»؟
العبد لله: أنا مش «علماني» أو «حلماني»!
الرجل: يعني إيه «حلماني» يا أستاذ؟!
العبد لله: «حلماني» دي صفة أنا اخترعتها للناس اللي بتؤمن «بالحلم».
الرجل: وإيه أهمية الحلم في الزمن ده؟
العبد لله: من دون ما تحلم تموت. من دون القدرة على خيال الحلم نصل إلى مرحلة الجمود.
الحياة الصعبة جدا اللي إحنا عايشنها لا يمكن تحملها من دون الأمل اللي في الأحلام.
الرجل: ولكن هوه موش الحلم هروب من الواقع؟
العبد لله: لا عيب في الهروب من الواقع، المهم الهروب إلى أي عالم جديد! هل هو عالم تسود فيه الحريات والعدالة والتوافق والتقدم والرفاهية؟
الرجل: وما هو عيب التيار «الحلماني» في هذا الزمن؟
العبد لله: التيار الحلماني يعاني قلة المنتمين إليه، فالأزمة التي يحياها ليست قلة السيولة النقدية ولكن قلة الأمل!
ضرب الرجل كفا على كف وأنهى الحوار وغادرني مستهزئا بي حينما تحدثت عن «الأمل».