2013.. عام الاقتصاد

TT

عندما يطوي عام صفحته ويدخل العام الجديد يأمل الناس عادة أن يكون الجديد أفضل من المنصرم، خاصة إذا ما كان الأخير مليئا بالاضطراب والقلاقل، فما البال بعام 2012 المليء بالأهوال خاصة في الشرق الأوسط، بينما كان عالميا عاما قاسيا اقتصاديا.

والحقيقة أن السنوات الثلاث الأخيرة كانت شاهدا على أحداث غير مسبوقة عالميا وإقليميا، بدأت بانهيار مؤسسات مالية لم يكن يخطر على بال أحد أن تنهار في يوم وليلة كبيوت من ورق، وكان حجمها أكبر من عدة دول، لتكر السبحة وتمتد أزمة المؤسسات المالية التي جاءت نتيجة مضاربات ومخاطرات غير رشيدة في أدوات مالية دولية، إلى الدول نفسها لنرى الاقتصادات العالمية الكبرى الغربية في ركود ومخاوف من كساد كبير مشابه لكساد الثلاثينات، وكذلك لنرى دولا داخل الاتحاد الأوروبي؛ ثاني أكبر تكتل اقتصادي عالمي، تقترض وتخضع لوصفات الصندوق الدولي من أجل الخروج من أزمتها، وتطرح تساؤلات حول وضع اليورو.

في منطقة الشرق الأوسط، 2012 كان امتدادا لأحداث 2011 وما حدث من انتفاضات في جمهوريات عربية رئيسية.. مرحلة انتقالية مليئة بالاضطراب، ولم تستقر حتى الآن، بما ألقى ضغوطا على الاقتصاد الذي يعاني أصلا من أزمات هيكلية في بنيته بما في ذلك معدلات بطالة مرتفعة، ويضاف إلى ذلك، الحالة الفريدة للأزمة السورية التي أخذت بعدا شديد الدموية، ولا يزال دخان الحرب يجعل من الصعب رؤية المستقبل السياسي في 2013؛ فما البال بالرؤية الاقتصادية.

ولا يزال الحديث أو الصراع على أشده في الدول العربية التي شهدت تغييرا في أنظمة الحكم مثل مصر وتونس وليبيا واليمن، بينما سوريا ما زالت تنتظر الحسم العسكري أو السياسي والمتوقع أن يتغير هذا على الأقل في الربع الأول من عام 2013، رغم أن العالم الاقتصادي يزداد ضغطه على الظروف المعيشية للناس وحتى على كيانات الدول نفسها، وهو ما يجب أن يعطى تركيزا واهتماما أكبر في الفترة المقبلة لأنه هو الذي سيحدد مسار الأحداث في العام الجديد.

عام 2013 هو عام الاقتصاد؛ ليس فقط إقليميا، ولكن أيضا دوليا، فإذا كانت دول المرحلة الانتقالية العربية تحتاج إلى إعادة ترتيب البيت اقتصاديا من أجل وقف التدهور وإعادة تنشيط الاقتصاد، فإن ذلك يشمل الاقتصادات العالمية أيضا مع الأخذ في الاعتبار التداخل في الاقتصاد العالمي والتأثير المتبادل للعالم بعضه على بعض. وليس غريبا أن يكون كل العالم يراقب حتى ليلة أمس ما إذا كان الرئيس الأميركي أوباما سيستطيع أن يصل إلى اتفاق مالي يسمى «اتفاق الهاوية المالية» ينقذ ميزانية الحكومة في العام الجديد أم لا.

ولا يبدو أن الطريق سهل في 2013؛ فالتوقعات الدولية الأخيرة تشير إلى أن خروج الاقتصادات الغربية الكبرى من حالة الركود واستعادة نشاطها قد يأخذ وقتا أطول ويستمر إلى 2017، مما سينعكس بالطبع على الاقتصادات المأزومة في دول أخرى في العالم والباحثة عن تمويل واستثمارات أجنبية، والمعضلة الكبرى التي تواجه الحكومات سواء غربيا أو في دول المرحلة الانتقالية العربية، هو أن صبر المواطن العادي قصير عندما لا يجد وظائف أو لا يستطيع المحافظة على مستويات معيشته، وقد رأينا ذلك في دول أفضل بكثير اقتصاديا مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا التي شهدت احتجاجات واسعة خلال العام الماضي ضد سياسات التقشف.