أجندة جديدة للتعاون الأميركي ـ الروسي

TT

خلال الأسابيع القليلة الماضية شهدنا تدهورا سريعا في مناخ العلاقات الأميركية الروسية، ونعتقد أن هذه التوجهات المؤسفة لا تخدم أيا من المصالح الاستراتيجية طويلة الأمد لبلدينا أو الأمن الدولي بصفة عامة. ولا يمكن لعلاقاتنا أن تظل رهينة السياسات في كلا البلدين، بل ينبغي علينا أن نضع خارطة طريق جديدة لعام 2013 وما بعده.

ومع إعادة انتخاب الرئيس أوباما وتحمل فلاديمير بوتين المسؤولية في موسكو، حان الوقت لكي يعيد كلا الزعيمين تفعيل التعاون الأميركي الروسي كي تستفيد منه الدولتان. وبمقدورهما أيضا التعاون معا لتعزيز الأمن العالمي وتمهيد الطريق لعالم أكثر استقرار وانتظاما.

تلتقي المصالح الأميركية والروسية في عدد من القضايا الملحة والآنية. وكما كتبنا معا في السابق، تتقاسم الدولتان هدفا عاما يتمثل في خفض الأخطار النووية. وقد كانت معاهدة «نيو ستارت» إنجازا مهما، غير أن هناك إمكانية لبذل المزيد، من بينها تسريع تطبيق التخفيضات التي أوصت بها المعاهدة (لماذا ننتظر حتى عام 2018 كي نصل إلى الحدود القصوى نافذة المفعول بشكل كامل؟)، وتدشين مفاوضات ثنائية جديدة لمزيد من التخفيض في المخزون النووي.

تسيطر روسيا والولايات المتحدة على نسبة 90 إلى 95 في المائة من الأسلحة النووية في العالم، ويمكننا سريعا أن نواصل المفاوضات بشأن مزيد من التخفيضات كي نضمن أمننا. وإذا فعلنا ذلك فسوف نكون أكثر إقناعا عندما نطلب من الدول الأخرى التي تمتلك أسلحة نووية الانضمام إلى معاهدة خفض الأسلحة النووية، وسوف نعزز من مصداقية دبلوماسيتنا في حشد الضغط الدولي ضد إيران لمنعها من محاولة إنتاج سلاح نووي.

ويشهد عام 2013 الذكرى الخمسين لتوقيع معاهدة حظر التجارب النووية، أول اتفاقية للحد من الأسلحة النووية، ولذا فهو العام الأنسب لتصديق مجلس الشيوخ على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي كانت تعاني من الإهمال لثلاثة عشر عاما. ويمكن للولايات المتحدة أن تنضم إلى روسيا والدول التي وقعت على الاتفاقية ودخول المعاهدة حيز التنفيذ.

لا يزال النزاع طويل الأجل على الدفاع الصاروخي يلقي بظلاله على التقدم المحتمل بشأن الحد من السلاح، رغم تعبير كل من الناتو وروسيا عن التعاون في هذا الإطار. والآن حان الوقت كي نكون أكثر إبداعا. ومع قليل من الخيال على الجانبين، يمكن للدفاع الصاروخي أن يثبت أنه مغير اللعبة، ويجعل الناتو وروسيا حلفاء حماية أوروبا.

وقد ركزنا على قضايا الحد من السلاح فقط، لا بسبب التداعيات الأمنية على روسيا والولايات المتحدة. فالتقدم بشأن الحد من السلاح يمكن أن يساعد أيضا في تعزيز المكاسب في العلاقات الحدودية كما حدث في الماضي.

والتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا سيشكل أهمية خاصة بشأن عدد كبير من القضايا. فعلى سبيل المثال، لا ترغب الولايات المتحدة وروسيا في عودة أفغانستان إلى حكم طالبان أو أن تصبح دولة فاشلة. وربما كان ذلك سببا في تسهيل روسيا وتعاونها في تدفق الإمدادات إلى قوات الولايات المتحدة والناتو في أفغانستان. ومع اقتراب نهاية العمليات القتالية في أفغانستان، ينبغي على واشنطن وموسكو، معا، دعم القادة الأفغان في بناء مجتمع مستقر قادر على تحمل الضغط من المجموعات المتطرفة العنيفة.

من بين مناطق الاهتمام المشترك الأخرى تعزيز التوسع في علاقات الاستثمار والتجارة الروسية الأميركية، حيث تراجع مستوى العلاقات التجارية الثنائية كثيرا عما يفترض أن تكون عليه، بالنظر إلى حجم الاقتصادات في كل البلدين. وسوف تفيد الزيادة كلا البلدين، فدخول روسيا حديثا إلى منظمة التجارة العالمية سيسهم، كما هو الحال بالنسبة للتطبيق الكامل لبنود دخول السوق والتجارة المهمة التي جعلت الاتفاقية ممكنة. وكان قرار الكونغرس بإزالة قيود الحرب الباردة وتوسعة العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة لتشمل روسيا وضعا طال انتظاره.

من المؤكد أن التعاون بشأن بعض القضايا لا يعني أن على موسكو وواشنطن الاتفاق بشأن كل القضايا، وبسبب التفاعل على بعض القضايا، لا يزال من الصعب توقع الاتفاق حول كل قضية. ويمكن لاختلاف المنظور أن يكون في بعض الأحيان حادا حول سوريا وحقوق الإنسان والديمقراطية. بيد أن الاختلافات مهما كان تعقيدها وألمها ينبغي ألا يحجب التطور في العلاقات على جبهات أخرى. من المهم ألا نقاطع الحوار حتى بشأن القضايا التي تختلف فيها المواقف بشكل جذري.

يعلم تاريخ العلاقات بين واشنطن وموسكو أهمية الحوار الرئاسي والقيادة. وإذا ما قدر لدولتينا الحصول على الفائدة القصوى من المصالح المشتركة ينبغي على الرئيس أوباما وبوتين أن يجعلا الشراكة أولوية.

وقد يتوقع البعض أنه بعودة بوتين إلى رئاسة روسيا ستكون إدارة العلاقات الروسية الأميركية أكثر صعوبة. ونحن لا نرى سببا في افتراض ذلك. فإعادة توجيه العلاقات الثنائية اليوم أكثر قوة مما كانت عليه في عام 2008، وما كان هذا التطور ليحدث لو أن بوتين عارضه. التحدي الذي يواجه الرئيسين اليوم هو الانتقال الآن إلى المرحلة التالية - وهي تدشين مهمة تاريخية لبدء فصل جديد في العلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة.

* مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة في الفترة من عام 1997 إلى 2001، وإيغور إيفانوف، وزير خارجية روسيا في الفترة من عام 1998 إلى 2004.

* خدمة «نيويورك تايمز»