اسألوني

TT

أول ما بدأ استخدام الطيران كسلاح كان في الحرب العالمية الأولى ولكنه كان محدودا، غير أنه لم تمض 25 سنة إلا وتطور تطورا مذهلا، وكان له الدور الأول في حسم المعارك على الأرض إبان الحرب العالمية الثانية. وقد بذل (هتلر) وعلماؤه جهودا خارقة في تطوير هذا السلاح بالمضادات المدفعية الأرضية، وهكذا فعلت بريطانيا واخترعت في شدة حموة المعارك ما يعرف بـ(الرادار) الذي لعب دور العين الكاشفة التي قلبت الموازين، وجعلتها تنتصر في المعارك الجوية فوق أراضيها التي كانت تشنها الطائرات الألمانية ليل نهار فوق لندن وغيرها من المدن.

غير أن بريطانيا بعدما تنفست الصعداء قليلا، بدأت بالمقابل تشن الغارات الجوية على القوات الألمانية في المواقع التي احتلتها في بلجيكا وفرنسا.

وفارس مقالنا اليوم هو طيار شاب إنجليزي كان يقود طائرته مع سرب مكون من عشرات الطائرات، وأخذوا يدكون مواقع القوات الألمانية في بلجيكا، فتصدت لهم المدفعية الأرضية، فنجا من نجا، وسقط من سقط، وكانت طائرة ذلك الطيار مما أصيبت، واستطاع هو أن يتدارك نفسه وقفز بالمظلة، وشاءت له الصدف أن يهبط قرب دير للراهبات، وأول ما التقاه راهبة متعاطفة مع قوات الحلفاء وألجأته وزودته بملابس راهبة، على أن يرتديها ويظل في الدير متخفيا إلى أن تسنح له الفرصة ليعود سرا إلى إنجلترا.

وأمضى على هذا الحال عدة أسابيع بأمان، وذات يوم نزل إلى حديقة الدير بملابسه الرهبانية، وفي ركن منعزل شاهد راهبة شابة جميلة تجلس وحدها محلقة في ملكوت الله تمتع نفسها بروعة الأشجار وصدح الطيور، فتبسم لها فبادلته الابتسامة بطريقة ملائكية، وهذا هو ما شجعه على أن يجلس ملتصقا بجانبها، فلم تعر ذلك في البداية أية أهمية على أساس أنها مجرد أخت راهبة تلتصق بأختها بمحبة الله، غير أن حرارة جسمها حركت في داخله نوازع بهيمية جعلته ينسى ظروفه الخطيرة التي هو عليها، ويبدو أن حرمانه طوال هذه المدّة، إلى جانب تلك الراهبة الحسناء التي تملك كل الإمكانيات ومواصفات الإغراء، جعلاه (يتحركش) بها ويداعبها بأصابعه، وفجأة لم يتمالك نفسه حتى احتضنها بعنف وراح يمطرها بالقبلات الساخنة.

فما كان من بنت أبيها إلاّ أن تتفلت من قبضته بعد أن انتزعت منه رداء الرهبنة، وتيقنت من ملامسته لها أنه رجل وليس امرأة، (فطنبّت) بالصوت - أي أخذت تصرخ وتستنجد - فتقاطر عليها الراهبات والرهبان من كل حدب وصوب وعلى رأسهم عميدة الدير، وكشفوه بالجرم المشهود، وخوفا منهم من أن تعاقبهم وتضيق عليهم القوات الألمانية، أخبروا عنه واعتقلوه، وهكذا (جنت على نفسها براقش).

ثم حكموا عليه بالإعدام، ونفذوا ذلك في اليوم الثاني بإطلاق الرصاص عليه، وذهب الأهبل ضحية لشبقه الذي لم يستطع السيطرة عليه.

والغريب أن زملاءه الذين أسقطت طائراتهم معه، ظلوا في الأسر، إلى أن عادوا إلى بلادهم بعد أن تم تبادل الأسرى.

ليس هناك أروع من السيطرة على النفس خصوصا أمام أنثى، وما أكثر ما سيطرت، اسألوني.

[email protected]