هل يحذر الطبيب مريضه من طبيب آخر؟

TT

طرحت مؤسسة «ميدسكيب» الطبية في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي واحدا من المواضيع الطبية الأخلاقية الأعلى إشكالية والذي نادرا ما تتم مناقشته علانية في الأوساط الطبية، وذلك ضمن نتائج «تقرير استفتاء عام 2012 لأهم المعضلات الأخلاقية» Medscape›s 2012 Top Ethical Dilemmas Survey Report. الموضوع ببساطة في لغة العرض: «هل يحذر الطبيب مريضه من الذهاب إلى أو إجراء عملية جراحية لدى طبيب فلاني آخر؟».

الاستفتاء شارك فيه أكثر من 24 ألف طبيب ممارس لمهنة الطب بالولايات المتحدة، وشمل عشرة مواضيع من التي تعتبر معضلة أخلاقية في ممارسة مهنة الطب والتعامل مع زملاء المهنة والمرضى وأقاربهم، مثل إقامة الطبيب علاقة مع إحدى مريضاته أو قريبات مرضاه، ومثل هل تخفي بعض مخاطر العملية الجراحية إذا كنت ترى العملية ضرورية للمريض، إذ قد يحول أخبار المريض عن المخاطر دون توقيع المريض على وثيقة المرافقة المشفوعة بالعلم لإجرائها، وغيرها من المواضيع الأخلاقية في مهنة الطبيب.

وحول موضوع أخبار الطبيب لمريضه أن الطبيب الفلاني «لا يصلح» أو أن عمله الطبي «دون المستوى المطلوب» أو «إياك أن تذهب إليه» وغير ذلك، كانت النتائج كالتالي: 47% قالوا إنهم «ربما سيخبرون المريض بحقيقة عمل الطبيب الأخر»، بينما قال 16% إنهم «لن يتدخلوا فيما بين طبيب ومريضه»، وأفاد 37% أن «الأمر يعتمد». ومن بين الذي أفادوا أن «الأمر يعتمد» البروفسور كينث براغر، أستاذ طب الباطنية ومدير إدارة الأخلاقيات الطبية في المركز الطبي لجامعة كولومبيا بنيويورك، والذي أضاف: «أعتقد أن الأمر يعتمد على الحالة بكل ظروفها، والسؤال غاية في الدقة والتعقيد، وهناك طيف واسع من السيناريوهات التي كل واحدة منها تتعلق بحالة منفصلة عن غيرها».

وحتى بعض الذين أبدوا حماسة مباشرة في حق الطبيب أخبار مريضه عمّا يعتقده في طبيب آخر، حتى بعض هؤلاء علقوا بأنه لا بد من ملابسات معينة تدفع إلى القيام بفعل إخبار المريض عن مستوى الطبيب الآخر. وإحدى هذه الملابسات كما أفاد الكثيرون منهم هو مدى قرب المريض من الطبيب، أي هل هو صديق أو قريب أو مريض متابع لديه لمدة طويلة؟ وحينها ربما يُخبر الطبيب هذا المريض عن حقيقة رأيه في الطبيب الآخر. أما إذا كانت العلاقة بين الطبيب ومريضه ليست كذلك، فإنه ربما لن يخبر المريض عن الطبيب الآخر شيئا لأن الأمر يصبح شديد الحساسية، وخاصة كما أفاد بعض هؤلاء الطبيب، عندما يكون المريض من فئة المرضى الذين يستسهلون الذهاب للمحكمة للشكوى من الأطباء أو من ممارساتهم الطبية.

وغالبية الذين أفادوا بأنهم سيخبرون المريض بحقيقة رأيهم في الطبيب الأخر، علّقوا الأمر بسؤال المريض لهم عن هذا الأمر. وبعضهم ربط الأمر بحجم العملية الجراحية، إذ بعضهم قال: لا أبالي حينما تكون العملية استئصال مرارة بخلاف عملية كبرى لإزالة ورم سرطاني.

ولكن الأهم هو ما يأتي: من وكيف وما الذي يحدد أن الطبيب الفلاني مستواه أقل من المطلوب أو أن ممارسته الطبية غير آمنة أو غيرها من العناصر التي قد تضر المرضى أو قد تعاب في مهنية الطبيب؟ وفي هذا، علق الدكتور دوغلاس ديكيما، مدير التدريب والتعليم في مستشفى الأطفال والمركز الطبي الإقليمي بسياتل بالقول: «من المهم التفريق بين رأي طبيب ما بأن الطبيب الآخر دون المستوى وبين أن الطبيب الأخر يُعالج بطريقة مغايرة لا يُوافقه فيها الطبيب الأول». وأفاد أكثر الأطباء أيضا أن المهم أخلاقيا ومهنيا في حق تقييم أي طبيب لأي طبيب آخر هو مدى حصول الطبيب على «بورد» شهادة الزمالة للمجلس الطبي board - certified وأن ليس في سجله المهني أي عقوبات تأديبية لسلوكيات طبية من الهيئات المعنية بهذا الشأن. وأضاف الدكتور ديكيما: «من الضروري أن أكون متأكدا عند تقييم زميل طبي آخر، وأن أكون معتمدا على بيانات موثوق في صحتها based on reliable data تُظهر أن هذا الطبيب بالفعل يُمارس عمله بطريقة غير آمنة للمرضى، أما غير هذا من الإشاعات والنميمة فهو غير مقبول على الإطلاق». وقال أحد الأطباء المشاركين في الاستفتاء موضحا: «يجب أن أتأنى عند سماع الإشعاعات والنميمة، وكيف لي أن أعرف مدى عدم أهلية طبيب آخر دون أن أكون على علم وحضور بعمله ونتائجه». وأضاف آخر: «من أنا كي أحكم بتقييم أداء طبيب آخر وأُعلن رأيا فيه ما لم أرَ نتائج بيانات موثقة».

والمهم كما قال الدكتور ديكيما: «الخطوة الأولى الصحيحة هي ضمن المؤسسة الطبية نفسها، والطبيب الذي يرى أن أحد الأطباء دون المستوى المطلوب، عليه أن يُخبر السلطات المختصة في إدارة مستشفاه hospital administration، وإذا ثبت ذلك بالفعل يكون الطبيب قد خدم عددا كبيرا من المرضى وليس مريضا واحدا، وهو سلوك أكثر دقة وأخلاقية من مجرد الافتراء وتشويه السمعة بطريقة غير مهنية وغير أخلاقية unprofessionally slandering على طبيب آخر». على حد وصف التقرير.

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]