أمان ربي أمان

TT

أحيانا تأتي كتب التاريخ بروايات ليس شرطا أن تكون صحيحة، ولكن لها أحيانا دلالات أو حكم أو محفزات أو عزاءات أو آمال أو (راحات) - مثلما ينطقها الأتراك - لهذا أردت اليوم أن أريحكم وأريح نفسي قليلا من الكتابة بأن أورد لكم حكايتين من تلك (الحكايات).

الأولى تقول:

«روي أن امرأة دخلت على داود - عليه السلام - فقالت: يا نبي الله، ربك ظالم أم عادل؟

فقال داود: ويحك يا امرأة هو العدل الذي لا يجور. ثم قال لها: ما قصتك؟

قالت: أنا أرملة عندي ثلاث بنات أقوم عليهن من غزل يدي فلما كان أمس شددت غزلي في خرقة حمراء وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأبلغ به أطفالي، فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ وأخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لا أملك شيئا أبلغ به أطفالي.

فبينما المرأة مع داود في الكلام وإذا بالباب يطرق على داود، فأذن له بالدخول وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده: مائة دينار فقالوا يا نبي الله، أعطها لمستحقها.

فقال لهم داود: ما كان سبب حملكم هذا المال؟

قالوا يا نبي الله: كنا في مركب فهاجت علينا الريح وأشرفنا على الغرق، فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء وفيها غزل فسددنا به عيب المركب فهانت علينا الريح وانسد العيب، ونذرنا لله أن يتصدق كل واحد منا بمائة دينار وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت، فالتفت داود إلى المرأة وقال لها: رب يتجر لك في البر والبحر وتجعلينه ظالما، وأعطاها الألف دينار وقال: أنفقيها على أطفالك». انتهى.

والثانية: «روي أن الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان جالسا يوما في سوق المدينة ومعه ابنه الحسن، فمر سائل فرق له الإمام علي وقال للحسن: اذهب إلى أمك فقل لها تركت عندك ستة دراهم فهات منها درهما، فذهب الحسن إلى أمه ثم رجع إلى أبيه، وقال: أمي تقول لك: إنما تركت ستة دراهم للدقيق.

فقال الإمام علي: لا يصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده. قل لها: ابعثي بالدراهم الستة جميعا، فبعثت بها إليه فدفعها الإمام علي للسائل، وبعد لحظات مر به رجل معه جمل يبيعه فقال علي: بكم الجمل؟

قال الرجل: بمائة وأربعين درهما.

فقال علي للرجل إنه يشتري الجمل ولكنه سيدفع ثمنه بعد حين فوافق صاحب البعير وتركه لعلي ومضى، ثم أقبل رجل آخر فقال لمن هذا البعير؟ قال علي: لي، قال الرجل أتبيعه؟ قال: بكم؟ قال بمائتي درهم، فأخذ الرجل البعير وأعطى عليا المائتين فأعطى الإمام علي صاحب الجمل حين عاد حقه، وهو مائة وأربعون درهما، وجاء بستين درهما إلى فاطمة - رضي الله عنها - فقالت ما هذا؟ قال: هذا ما وعدنا الله (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)». انتهى.

(أمان ربي أمان، أمان ربي أمان)

[email protected]