ضاحي خلفان لا يبالي بـ«الإخوان»

TT

يعجبني الشخص الذي يصر على موقفه ورأيه ولا يتأثر برأي الجمهور، خصوصا إذا كان رأي الجمهور هذا مغلفا بدعاية دينية ووطنية تمس سلامة المعتقد الديني للشخص ونزاهة موقفه الوطني، ومع ذلك يصر هذا المرء على موقفه ويواصل الاستمرار على رأيه، وكما قال الشاعر العظيم أحمد شوقي:

قف دون رأيك في الحياة مجاهدا

إن الحياة عقيدة وجهاد

طبعا هذا الإصرار على الموقف لا يعني معاندة المنطق والصواب واعتماد مبدأ «عنزة ولو طارت»، فهذا ليس إصرارا على الموقف والرأي، ولا يمكن اعتباره سلوكا مثيرا للإعجاب والاحترام، بل هو سلوك أقرب للبدائية والمراهقة النفسية والفكرية. ليس عن هذا نتحدث، بل عن الإصرار المبني على حجة وبرهان وثقة بصوابية الموقف، ما لم يظهر دليل آخر يغير الحال ويبدل الأحوال.

بعبارة أخرى، تعني التفريق بين الحجة والبرهان الذي يجب أن يخضع له الإنسان العاقل، وبين التهويش والزعيق والدعاية الغوغائية وحفلة الشتائم والغمز واللمز، باسم الدين أو باسم الوطنية، وهو سلاح كثيرا ما نجح في إرهاب من لديه موقف مختلف أو رأي مغاير عن السائد.

في هذا الإطار أفهم وأرى موقف وإصرار قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان على موقفه من جماعة الإخوان المسلمين في العالم الإسلامي، خصوصا بعد وصولها للسلطة في مصر وتونس وطرفا من ليبيا واليمن، وانتشاء إخوان «الإخوان» في دول الخليج بذلك.

الرجل، رغم حملات الكراهية والسخرية منه، سواء من إخوان مصر والمهجر الأوروبي، أو أتباعهم في الخليج، ومحاولة «إسقاط» شخصية خلفان، مستخدمين بذلك سلاح الدين والوطنية، لا يزيد إلا إصرارا وثباتا على موقفه ورأيه.

في حواره الأخير في جريدة «الشرق الأوسط»، الذي أجرته زميلتنا هدى الصالح، أشار ضاحي خلفان، إلى أن مشروع «الإخوان» بقيادة محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، هو إسقاط كل الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية ليستولي هو، من خلال جماعته، على الحكم.

تحدث عن تشابكات الخليتين اللتين قبض عليهما في الإمارات، الإرهابية والإخوانية، بكل جرأة ولا مبالاة بدعايات الإعلام الإخواني، الظاهر منه والخفي. وتحدث أيضا عن مطامع وألاعيب «الإخوان» ومن يتعاطف معهم، جهلا أو علما، في دول الخليج.

لست أدري هل يبالي الفريق ضاحي أو يتأثر نفسيا بهذه الشتائم أم لا، وهل هو يفعل هذا الصمود عن وعي أو عفوية؟ ولست مهتما بمقاربة آراء ضاحي من ناحية علمية ومنهجية وتاريخية، فكل هذا بحث آخر، لكن ما يهمني الإشارة إليه هنا هو «الصلابة» النفسية التي نفقدها في كثير من الشخصيات الاعتبارية، سياسيا وثقافيا، في العالم العربي تجاه حملات الجمهور المؤخونة، والخضوع للابتزاز الدعائي الجماهيري، واعتماد لغة رخوة تجني من الخسائر أكثر مما تصيب من الأرباح.

قال الشاعر الشعبي السعودي خلف بن هذال:

الشجاعة نصف ساعة في الزحام

تسترد الحق رغم في الظليم

[email protected]