الملك عبد الله.. منصف النساء

TT

كانت نقلة ملكية بامتياز.. السعودية تدخل مرحلة جديدة في ثقافتها السياسية والاجتماعية أيضا.

أمس، أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتمكين المرأة السعودية من المساهمة في صناعة القرار السعودي العام، من خلال نافذة مجلس الشورى. عبر تعيين 30 سيدة ـ لأول مرة ـ أعضاء في مجلس الشورى.

أمس الجمعة سيُعدّ يوما فاصلا وتاريخيا في حياة المرأة السعودية بشكل خاص، وفي حياة السياسة الداخلية والثقافة الاجتماعية، بشكل عام.

ولمن لا يعرف، فإن أي حركة تمس ملف المرأة السعودية تعتبر بالغة الحساسية لدى صانع القرار السعودي، لاعتبارات ثقافية وسياسية عدة. فهناك في المجتمع من هو ماهر في افتعال المشكلات حول مسألة المرأة، وفق تصورات معطوبة عن طبيعة المرأة ودورها في الحياة العربية والمجتمعات المسلمة في السابق واللاحق.

كانت اللغة الملكية التي صدر بها القرار الكبير أمس، دقيقة وقوية وواضحة في الوقت نفسه، دقيقة من حيث الاعتبار الشديد للمعايير الدينية والاجتماعية في مقاربة تمكين المرأة، حيث كان الحرص على توكيد الانطلاق من الاعتبارات الشرعية، وحيث المراعاة الواضحة للثقافة العامة فيما يخص مسألة المرأة، وهذا أمر طبيعي وهو المنتظر من القائد الذي يعرف طبيعة وثقافة من يقود، ويتعامل معها بكل تقدير واحترام.. وإيمان، لكن من دون جمود لا يقره الفقه الصحيح، أو التاريخ المقروء.

وبمناسبة ذكر التاريخ، فإنه لفت انتباهي أن من ضمن السيدات الـ30 المعينات في مجلس الشورى، الباحثة المرموقة الدكتورة دلال بنت مخلد الحربي، وهي صاحبة كتاب قيم عن نساء الجزيرة العربية، وقد أفاضت في بحثها عن أدوار النساء، الاجتماعية والعلمية والسياسية أيضا في نجد والجزيرة العربية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، شقيقة الملك المؤسس عبد العزيز، التي كانت تقوم بنشاط مؤثر في الجهود الاجتماعية والسياسية، يشاورها الملك عبد العزيز كثيرا في الشؤون العامة ويقبل شفاعتها، ولعل الملك عبد الله بن عبد العزيز، كان ينظر بعين والده عبد العزيز الفخور بشقيقته نورة، عندما أطلق اسم نورة بنت عبد الرحمن على أكبر جامعة للبنات في السعودية.

الحق أن هناك افتعالا واضحا للمشكلات فيما يخص المرأة، ليس في المجتمع السعودي فقط، بل في كثير من الدول العربية والإسلامية، وهذا له سياق تفسيري وتاريخي معقد، ليس هنا أوان ولا مكان الحديث عنه.

لو رأى الإنسان المنصف بعين الواقع التاريخي، والرأي الفقهي، في الكتب التي أرّخت لحضارتنا، لرأى أدوارا كبرى للمرأة، من السيدة عائشة التي كانت علما في الفقه والحديث، كما في النشاط السياسي من خلال المشاركة في الغزوات، إلى سيدات كثر في كل مكان، وتحديدا نساء الجزيرة العربية. ويكفي تذكر دور سيدة من قلب الجزيرة العربية قاومت الغزو الأجنبي بكل شجاعة وإباء، هي السيدة «غالية» المعروفة في التاريخ السعودي. نتذكر أيضا دورالسيدة موضي زوجة الإمام الأول للدولة السعودية محمد بن سعود، المؤثر في قصة الحلف التاريخي مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

صفوة القول إنه بإدراج المرأة السعودية في الشورى السعودية شريكة للرجل، نقش الملك عبد الله بن عبد العزيز على حجر التاريخ السعودي نقشا مؤثرا وبليغا.. لا يبلى ولا يبيد.

[email protected]