نحو ولادة جديدة للصومال

TT

اذا سارت الامور على ما يرام، فإن الرئيس الجديد لدولة الصومال سيؤدي اليمين الدستورية خلال الايام القليلة المقبلة. وقد تجمع اكثر من 250 من قادة الجماعات المتحاربة وزعماء القبائل والشخصيات المحلية وغيرهم من الشخصيات الصومالية في العاصمة مقديشيو لاختيار الرئيس الجديد لدولة لم تعد قائمة. وكانت الازمة الصومالية قد بدأت قبل عشر سنوات تقريبا عندما وقع انقلاب ضد حكومة الرئيس محمد سياد بري وادى ذلك الى اشتعال نيران حرب اهلية تسببت في ما يصفه المحللون السياسيون بـ «الانهيار المنتظم»، اي انهيار البنية الاساسية للحكومة على كل المستويات.

وبحلول منتصف التسعينات اصبح الصومال مجرد مجموعة من التجمعات المتصارعة يسيطر علىها قادة الحرب او رجال العصابات. وقُسمت العاصمة مقديشيو الى اكثر من 12 قطاعا وانتشرت نقاط التفتيش في كل شارع. لكن يبدو ان التعب من الحرب لعب دورا في اقناع الجماعات المتحاربة بقبول مبدأ التشارك في السلطة والسماح بولادة جديدة لحكومة مركزية.

وبالرغم من ذلك فالصومال لم يخرج بعد من ازمته. فالمجتمع لايزال منقسما، وفي الشمال يحاول الانفصاليون، في ما يسمى «جمهورية ارض الصومال»، تأسيس دولة مستقلة، وفي باقي البلاد، بما في ذلك مقديشيو ذاتها، لا يزال زعماء الحرب اقوياء وطامحين للسلطة، ويتبين ذلك من حقيقة ان اكثر من 20 مرشحا تقدموا لمنصب الرئيس. ولذا فان جهود المجتمع الدولي المستمرة منذ ثلاث سنوات يجب ان تتواصل من اجل الوصول الى اعادة ظهور الدولة الصومالية.

والمطلوب الآن هو مساعدات سخية لاعادة تنشيط الاقتصاد وتوفير فرص العمل لاكثر من 400 الف شخص حملوا الاسلحة لسنوات. ويجب تأسيس وكالة لتوجيه المساعدات الى نشاطات مشروعة. كما ينبغي تأسيس قوة شرطة جديدة، يمكن تجنيد افرادها من بين اعضاء المليشيات الحالية، لمنح الدولة الحد الادنى من السلطات.

وهناك ايضا امران يجب مواجهتهما. الاول هو تطوير علاقة عمل بين السلطة الجديدة في مقديشيو وبين انفصاليي «جمهورية ارض الصومال» اما الثاني فهو ايجاد حل تفاوضي للصراع الصومالي ـ الاثيوبي في اوغادين، وهو الصراع الذي استنزف الموارد المحدودة للدولتين لاكثر من 40 سنة.

يبقى انه اذا تولى الرئيس الجديد مهام منصبه، وامكن تشكيل حكومة ائتلافية، فان الصومال سيظل في حاجة الى فترة نقاهة طويلة قبل ان يتمكن من استئناف مسيرته كدولة، بالمعنى الحقيقي للكلمة.