إطلاق الوحش!

TT

كانت ماري شيلي زوجة الشاعر الانجليزي الشهير شيلي سيدة رقيقة حالمة.. ومع ذلك قدمت للعالم اكثر القصص رعبا واكثرها تنبؤا بما سيحدثه العلم في حياة الانسان.

ماري شيلي هي مؤلفة رواية «المسخ» او «فرانكشتاين» والتي قامت على فكرة محاولة «خلق» انسان هو مزيج من الانسان والوحش فائق القوة، وقد شاهدنا جميعا على شاشة السينما منذ الثلاثينيات سلسلة افلام «فرانكشتاين» والتي بعدها توالت قصص الرعب مثل «دراكيولا» و«الرجل الذئب» و«دكتور جيكل» و«مستر هايد» ثم سلسلة الافلام والمسلسلات المعاصرة المرعبة.

وفي معامل «الناتو» (حلف شمال الاطلنطي) قرر العلماء حماية اسرار الحلف العسكرية، وذلك بحماية نظم المعلومات الخاصة بهم من الاصابة بالفيروسات التي كثيرا ما تهاجم اجهزة الكومبيوتر.. ولكنهم مثل ماري شيلي اطلقوا الوحش وهو فيروس خطير اطلقوا عليه اسم «آنتي سميسرون».

وبدلا من ان يقوم الفيروس الذي عرض نفسه على شاشات الانترنت بالتغطية والتعمية على اسرار «الناتو»، قام بنشر اكثر الوثائق سرية في الحلف على شاشات الانترنت واصبحت متاحة لكل من يريد معرفة اسرار الحلف الكبير.. لقد انقلب الوحش على صاحبه كما حدث من «فرانكشتاين».. الذي فتك بالرجل الذي «خلقه».

لقد كان هدف العلماء في الحلف الكبير حماية الاسرار العسكرية من الهجمات الفيروسية التي تشبه تلك التي شنها الصرب على «الناتو» اثناء صراعات كوسوفو.. ولكن انقلب الحال، واخذ هذا الفيروس ينتزع الوثائق من الاقراص الصلبة في اجهزة الكومبيوتر ويرسلها الى الانترنت عبر البريد الالكتروني.. وهذه الاقراص تحوي اهم الاسرار العسكرية للحلف، مثل عدد اماكن ومناورات طائرات الهليوكبتر والدبابات وخطط الحلف المقبلة وغيرها.. ولاحظت صحيفة «الصنداي تايمز» ما حدث ونشرت الفضيحة الالكترونية التي وقع فيها الحلف.

لقد انقلب السحر على الساحر كما يقولون.. وهذه واحدة من أهم عيوب التكنولوجيا الحديثة التي اثبتت في حالات اخرى ان من العلم ما قتل، وانها قد تقدم خدمة ثم تفعل عكسها.. وانها خادم مطيع، ولكنه ينقلب الى وحش في الوقت الذي يناسبه.