الحارس الشخصي لأشهر سيدة أولى

TT

هناك مهن في الحياة لا أعرف مدى شجاعة الذين يقبلونها، أو يُقبلون عليها. كأن تكون الحارس الشخصي للرئيس الأميركي، ولكن كلنت هيل أمضى الجزء الأكبر من حياته وهو حارس أشهر أميركية أولى في التاريخ، جاكلين كيندي. بدأ يوم دخلت البيت الأبيض وظل حتى نزعها الأخير في أحد مستشفيات نيويورك. وقبل وفاتها بقليل طلب بيل كلينتون التعرف إليه، فدعاه إلى البيت الأبيض ليقول له: إنك تعرف ماذا تعني المسز كيندي للعالم، لقد أردت التعرف إلى الرجل الذي كان ظلها.

مذكرات كلنت هيل «المسز كيندي وأنا» فصل أو شهادة من سيرة امرأة شغلت العالم إلى عقود. وبرغم الرونق والألق كانت سيدة بسيطة طيبة ومتواضعة. وفي العام الأول من رئاسة كيندي ذهبت جاكي في زيارة إلى الهند وباكستان. طورت العلاقة مع البلدين أكثر من مائة دبلوماسي. وفي روالبندي فاجأت الناس وقد امتطت ظهر جمل، هي وشقيقتها. حاولت إقناع الجمَّال، بشير، بأن يترك لها الرسن. لكن بشير كان أكثر حرصا منها على صاحبة أشهر اسم نسائي في العالم آنذاك.

أهداها الرئيس الباكستاني أيوب خان حصانا اسمه سردار. طارت به فرحا. لكنها أبلغت أن عليها ترك الحصان شهرا كاملا في الحجر الصحي في نيويورك قبل تسلمه. انفجرت حزنا، وأبرقت إلى الرئيس الأميركي أن سردار أنظف من جميع خيول أميركا. افعل شيئا. بقي سردار حصانها المفضل. ولم تتصرف مرة على أنها الأميركية الأولى.

عندما أقامت مأدبة لوزير الثقافة الفرنسي أندريه مالرو، وجهت الدعوة إلى كبار كتاب أميركا (آرثر ميللر، تنيسي ويليامس، الخ) وكلما رد أحدهم بالقبول كانت تقول للحارس: هل لك أن تعرف مدى سعادتي يا مستر هيل، لقد قرر أفضل أدبائنا قبول الدعوة.

تجاهلت، بكل إباء، ما يشاع عن علاقات زوجها النسائية. وفي الحفل الذي غنت له مارلين مونرو، بكل غواها: «يوم ميلاد سعيد سيدي الرئيس»، حضر الحفل بضعة آلاف مدعو، وغابت عنه جاكي. ظلت في واشنطن مع أصدقائها.

عندما توفي أوناسيس عام 1975 كنت في «الأسبوع العربي»، وقد وضعنا يومها صورتها على الغلاف تحت هذا العنوان: «أرملة الكبار». لم تكن جاكلين كيندي أهم من التاجر اليوناني المحاط بالتساؤلات، بل كانت أيضا جزءا من صورة جون كيندي. شابة وجميلة ومثقفة وأنيقة وباسمة وبسيطة. لكن لعنة آل كيندي أصابتها أيضا. وعاشت أشهر أميركية أولى وماتت في المآسي.