أوباما الجديد: يحارب أم يهادن؟

TT

صحيح أنه الرئيس باراك أوباما نفسه، وفي البيت الأبيض نفسه، لكن التحديات لن تظل نفسها، بل ستكبر بأسرع مما ينمو أطفاله. وأتصور أنه سيواجه تحديات خارجية أخطر مما واجهها في الفترة الأولى من حكمه، وأعظم مما واجهه رؤساء سبقوه منذ بوش الأب وحتى بوش الابن.

في هذه الظروف الصعبة من الجيد أننا لسنا أمام رئيس جديد يحتاج إلى «كورس» في سياسة منطقة الشرق الأوسط، لأنها كانت أحد نشاطات أوباما شبه اليومية، مع قهوته كل صباح في السنوات الأربع الماضية، وشبه مؤكد أنها ستكون جزءا من فطوره للأعوام الأربعة الجديدة. الفارق أنها ستكون سنوات قهوة مُرة أكثر من الماضي. مثلا، في التعاطي مع الخطر النووي الإيراني، فقد كان كل الرؤساء الأميركيين السابقين يؤجلون حسم القضية النووية الإيرانية للرئيس التالي، وهكذا. الآن أوباما لا يستطيع تأجيلها، فبرنامج إيران على وشك الولادة، وعلى أوباما أن يواجه إيران حربا أو تفاوضا.. فخلال أربع سنوات من المؤكد أن إيران تكون قد امتلكت سلاحا نوويا، أو تكون قد تراجعت، وبالتالي نحن أمام احتمال حرب أميركية ضخمة أو أمام إيران أكثر شراسة.

سوريا الأسد كانت دائما عقبة مزعجة لكنها صغيرة، في الحسابات الدولية، وحتى الإقليمية. خلال السنوات الأربع المقبلة قد تكون أخطر دولة في المنطقة، سيكون العراق وأفغانستان مجتمعين في أخطارها وتهديداتها المحتملة إن لم يتم السيطرة على الأرض مبكرا ونقل السلطة مدنيا بسلاسة، وعلى تراب دولة موحدة مستقرة.

وفي إطار الصراع مع إيران وسوريا توجد «القاعدة»، التي يدري أوباما أنه قتل معظم قياداتها، لكن آلافا من أتباعها يعملون بلا كلل للمرحلة الثانية من الحرب مع الإرهاب. سيكون زمنا أكثر دموية في العالم حيث يتجه التنظيم.. صار متعدد الجنسيات الدولية، وأكثر مهارة، وأوسع انتشارا، رغم ما أصابه من نكسات في ساحات المواجهة في العراق والسعودية وأفغانستان.. فالفكر المتطرف ينتشر وسط حاضنات جديدة، والحكومات بعد ثورات الربيع العربي أقل قدرة وربما أقل رغبة في المواجهة. وما مواجهات شمال مالي الحالية إلا مجرد تمرين صغير مقارنة بما قد نراه في ساحات أخرى أكثر جاذبية للإرهابيين.

وتبعات الزلزال لما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن لا تزال مستمرة، راح عامان ومن يدري كم بقي من سنين، وكم من اضطرابات سواء في نفس دائرة الربيع أو خارجها.

عهد أوباما الثاني قد يكون تصالحيا بالتحاق كيري وهيغل كوزيرين محتملين، وهذا أمر إيجابي، إنما من قال إن المنطقة ستكون في مزاج تصالحي؟!

[email protected]