عن ساندي وبرلسكوني

TT

لا شرح ولا مقياس للتغيرات التي تطرأ على الطبيعة أو على البشر. لم أقرأ في مكان تفسيرا يوضح كيف أن روما الأمس هي إيطاليا اليوم وكيف أن الشعب الذي كان إمبراطوره أدريان صار زعيمه سلفيو برلسكوني. لا أعرف كيف صار المتوحشون الفايكينغ إسكندنافيي العصور ومنهم السويد والدنمارك والنرويج. ربما جنابك تعرف كيف يمكن أن يكون لبنان هو فينيقيا ما مضى، مع الأجنحة العسكرية في عائلاته الكريمة.

صنع الإمبراطورية الرومانية بعض كبار القادة العسكريين في التاريخ. وفي الحرب العالمية الثانية مات الجنود الإيطاليون في جبال اليونان من البرد وفي ليبيا من الحر. لقد أرسلت القيادة الفاشية بزات صيفية بيضاء إلى الجبال وبزات شتوية إلى الصحراء. روما القديمة كانت أول من سن القوانين المدنية، وروما المعاصرة خرج منها أسوأ مصطلحين: الحكم الشمولي والفاشية. ومن بلاد دانتي ودافنشي ورفاييل ومايكل أنجلو، خرج سلفيو برلسكوني.

كيف؟ أبدل علامة الاستفهام ببحر من علامات التعجب. كيف يهزم شاب دون الثلاثين إمبراطورية الفرس ويحكم العالم المعروف آنذاك وتكون بلاد الإسكندر اليوم عالة معلنة على كرام أوروبا؟ ما الذي يغضب الطبيعة بحيث تتفجر في شيء مثل «ساندي»؟ لقد مررت في ولاية نيوجيرسي من بعدها، وتعجبت لماذا سموها ساندي وليس هولاكو؟ أو لماذا ليس نفتناز؟ الجواب؛ لأن لا شيء مثل نفتناز. ولا أحد. ربما لافروف وحده مثل نفتناز. ربما وحده وريث «إيفان الرهيب». آه، هنا، الوريث لا يخالف المورث، بل يخلفه.

ترفض ألمانيا، وريثة أفظع آلة عسكرية في التاريخ، أن يكون لديها سلاح نووي. وترفض اليابان، التي طافت بصلفها العسكري على الصين وكوريا وروسيا، أن يكون لديها سلاح نووي. لا تدمير كونيا بعد اليوم (أي الأمس) تحت اسم الألمان أو اليابانيين. ها هما مأخوذان في تصدير أهم إنتاج صناعي في العالم. «مرسيدس» بدل «البانزر»، «لكسوس» بدل الـ«هاراكيري». كيف؟ علامة تعجب.

تذكر فاشيو إيطاليا أن أجدادهم الرومان كانوا يحكمون العالم وأنهم فقراء لأنهم بلا مستعمرات، ورأوا مقعدا خاليا في ليبيا وإثيوبيا. أقاموا فيهما أسوأ أنواع الأحكام. والآن يقول برلسكوني إن ما حدث في ليبيا لم يكن ثورة بل حربا فرنسية وقرارا من نيكولا ساركوزي.

قبور 75 ألف ليبي من أجل ساركوزي؟! لقد ذكّرتَ الليبيين بالجنرال غرازياني. هو أيضا كان يعتقد أن الليبيين لا يستحقون الحرية. «روبي» في انتظارك.