حقوق الأجانب وسمعتهم المشوهة

TT

لم أفهم بشكل واضح مضمون رسالة الكترونية وردتني من احد القراء الباكستانيين حول مقال لي مترجم عن التعليم يبدو ان احدى الصحف الزميلة نشرته. فهو يطالب المواطن العربي ان يكون اكثر تفهما لحقوق وحاجات الاجانب في بلاده، ويحتج بشدة على ما اسماه بالعنصرية المستمرة ضدهم، ويطالب خاصة بحماية حقوقهم في الجانب التعليمي، في ان يكون لهم او لابنائهم تعليمهم الذي يناسبهم لا ان يفرض عليهم التعليم المحلي، فهم كاجانب غير مصرح لهم بالاقامة الدائمة يفترض ان يعيشوا ويربوا اطفالهم كمواطنين منتمين لدول اخرى.

ومع انه لم يقدم شرحا وافيا الا انه وضع اصبعه على جرح المسه عند الاجانب في البلدان العربية، وخاصة في المنطقة الخليجية كونها اكثر الدول استضافة للاجانب من كل الجنسيات وباعداد كبيرة للغاية. وحقوق الاجانب تختلط مع حقوق المواطنين بطريقة فيها انتقاص للاولين، حيث صار البعض يظن ان ليس للاجانب حقوق كونهم عمالا او مستخدمين طارئين على البلاد، وهذا امر مخالف للقوانين ومخالف للاخلاق الحميدة كذلك.

سادت في مجتمعاتنا مفاهيم خاطئة وخطيرة بسبب موجة توطين الوظائف ومحاربة الجرائم ومطاردة العمالة غير القانونية حتى صارت «اجنبي» كلمة نابية، وفي هذا ظلم شديد للاجانب لأن الحقائق تقدم لعامة الناس مشوهة. فالقول ان الاجانب وراء الجرائم او وراء كثرة الحوادث استنتاج خطير لما يحمله من تحريض وعنصرية عدا عن كونه معلومة مضللة. فالجرائم ليست من صنع هويات بعينها، موجودة قبل وبعد وستظل، انما لأن حساب نسبها يعرض في الصحف باسلوب مشوه صارت الجرائم ترادف كلمة الاجانب. لكن لأن الاجانب يمثلون اغلبية السكان البالغين في نحو اربع دول خليجية، اي بعد اقصاء الصغار من الحساب، يصبح من الطبيعي ان تأتي الاحصائيات ضدهم مهما كانوا في غاية الانضباط.

اذاً فالترويج ضد الاجانب والتشهير بهم، من دون اعتبار لحقيقة انهم جاءوا ليؤدوا عملاً مطلوباً منهم، فيه اخلال بحقوقهم وتخريب للعلاقة بين طرفين مهمين في المجتمع الواحد.

أما من حيث التعليم فقد سمعت عن حرمان ابنائهم من الحصول على التعليم الذي يناسب بيئتهم، ولو صح هذا الادعاء ففيه ايضا تمييز واجحاف غير مبررين. فكل دول العالم تتيح للجاليات الاجنبية ان تدرس مناهجها وبلغتها ان شاءت. ولأننا نتمتع بهذا الحق في بريطانيا وباكستان مثلا لا يعقل ان نحرم البريطانيين والباكستانيين من الحصول على مثله. فالمعاملة بالمثل هي المبدأ السائد اليوم في العلاقات الدولية وهو مبدأ يخدمنا اكثر مما يخدم غيرنا، خاصة ان لنا باعاً طويلاً في نشر المدارس التي تعلم العربية والمناهج الاسلامية في شتى انحاء العالم. فان اردت لهذا الحق ان يستمر عليك ان تمنحه ايضا لابناء الجاليات المقيمة على ارضك.