الحب المتبادل

TT

المصري (حمادة صابر)، من الذي عراه، من الذي سحله، من الذي ركله، من الذي جعله يناقض أقواله بأقواله؟!

الذي يجيب عن هذه الأسئلة هو حمادة نفسه بهذه الكلمات التي كتبها أحدهم على لسانه:

«أنا الجاني وأنا المسحول، أنا الفاعل بأمر السيد المسؤول، أنا اللي قلعت كل هدومي بإيديا أنا المخبول، أنا اللي عيوني مكسورة، أنا حمادة.. أنا اللي شلت كل الطين على كتافي وبزيادة، أنا اللي بقيت قليل الحيلة يا سادة، أنا اللي اخترته، دلوقتي أنا المعزول، أنا موافق أكون قاتل، لكن إزاي وأنا مقتول؟ أنا موافق أكذب نفسي علشانكم، لكن إزاي أصدقكم؟»

* * *

سمعت أن صديقا قد أجرى عملية وخرج من المستشفى وذهبت إلى زيارته في منزله، ووجدته بكامل لياقته.

وقال لي إنها مجرد عملية (للزائدة الدودية)، وهي عملية (بسيطة ومرعبة) في نفس الوقت، فسألته: كيف تكون بسيطة ومرعبة؟! قال: المسألة وما فيها يا سيدي أنني طلبت منهم أن يبنجونني بنجا كاملا، وبينما كنت ممددا في غرفة العمليات ويقف على رأسي ثلاثة من الجراحين سمعت أحدهم يقول لرئيسه: أرجوك أتركني أن أقوم بالعملية لأنني في حاجة للمزيد من التدريب، خصوصا أنه لم يسبق لي أن أجريت عملية من هذا النوع، كانوا يتكلمون مع بعضهم البعض معتقدين أنني غائب عن الوعي، فحاولت جاهدا أن أنهض أو أتكلم وأرفض وأحتج ولكنني لم أستطع، وما هي إلا لحظات حتى غبت عن الوعي نهائيا، ولم أفق إلا بعد فترة، وعرفت أن العملية قد نجحت، لهذا لم أسألهم عن الطبيب الذي أجرى العملية.

وبما أننا نخوض في عالم العمليات والأمراض فهناك سيدة توفيت في (فيرمونت) عن عمر تجاوز (96) سنة، وقد أوصت لطبيبها الذي يعالجها منذ (50) عاما بحقيبة كبيرة، فرح بها الطبيب ولكنه عندما فتحها وجد أنها تحتوي على كل (الروشتات) التي كتبها لها طوال هذه السنوات، دون أن تشتريها فضلا عن أن تستعملها، وهي لم تدخل المستشفى في حياتها سوى مرة واحدة، وذلك عندما أجروا لها إزالة (الزائدة الدودية)!!

* * *

كشف العلماء أن حب النفس أمر طيب، فإننا يجب أن نحب أنفسنا حتى نستطيع أن نحب الآخرين، فقدرتنا على حب الآخرين تختفي إذا كنا نكره أنفسنا - انتهى.

وإذا كان هذا صحيحا، فلا شك أنني (الحبيب) الأول في العالم - وهي تأتي بالتشديد على حرف الباء - فغرامي بنفسي وخوفي عليها و«تدليعي» لها وتطييبي لخاطرها ليس له حدود، وكثيرا ما سهرت على راحتها، وكثيرا ما مسحت دمعتها، وكثيرا ما صحوت من نومي في الليالي الباردة لأغطيها، وكثيرا ما أوقدت لها الشموع ورششت لها العطور وشنفت أذنها بالموسيقى ورقصت معها إلى مطلع الفجر، كل هذا لكي أشرح لها صدرها، إنني أحبها وهي تحبني وكلانا نحب الآخرين، والله لا يغير علينا.

[email protected]