زوبعة في فنجان العقل والنقل

TT

أثارت مقالتي عن الثورة الصناعية الكثير من التعليقات. وقد أجمعت على مشكلة تأخرنا عن اللحاق بركب التقدم والعلوم. من الإمارات أشار السيد إياد يونس إلى تقدم الصين وكوريا بما جعل هذا القرن يعرف بالقرن الصيني. ثم وقف يتساءل متى نسمع عن قرن عربي؟ أجاب عن السؤال عمر كركوكلي فقال لن يحصل ذلك؛ فنحن لا نحب العلم والتطور، ونفضل التسكع في المقاهي. وربط آخرون تأخرنا بهيمنة المتشددين الذين يشجعون على القتل والتدمير والإرهاب والتخلف. وعلى هامش ذلك لفت فؤاد محمد من مصر أنظارنا إلى تشتيتهم لفكرنا بإشغالنا في أمور ثانوية. ومن الولايات المتحدة، بلد العلوم والتكنولوجيا، كتب السيد العرضي يقول إننا نعيش في عصر إما علم وإلحاد أو إيمان من دون علم. ثم مضى يقول: آه لو استطاع الإنسان أن يجمع بين الاثنين. كلماتك يا سيدي الفاضل تذكرنا بما قاله شيخ المعرة:

اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا

دين وآخر ديِّن لا عقل له

أنتقل لموضوع آخر ولكن له علاقة بهذا النقاش. سألتني الفاضلة فاطمة الزهراء من المغرب عن لعبة الرغبي. تقول إن المواطنين هناك بدأوا يلعبونها. إذا صح ذلك فأنا أتوقع كل الخير للمغرب؛ فهذه اللعبة تتطلب قوة وطاقة وروحية متفانية، واستعدادا لتحمل الأذى. تجدينها في أوروبا محصورة في المدارس الأرستقراطية وأبناء الذوات. وهذه هي النقطة التي أود الإشارة إليها؛ فأبناء الذوات عندنا يميلون إلى الكسل والتسكع والاعتماد على الشغالات والآخرين في أي عمل يتطلب جهدا وتفكيرا. تربي الأرستقراطية الغربية أبناءها على عكس ذلك، على النشاط والتفاني وبذل الجهد وتحمل الشدائد.

ينهض الولد عندهم في الفجر الباكر ليبدأ نهاره بركض طويل وتمارين قاسية، ثم يأخذ حماما باردا. ويقضي النهار في الدرس والاستعداد.

تمارينهم الرياضية مرهقة دائما. ولهذا يلعبون الرغبي، اللعبة التي تتطلب الركض السريع والعنيف للوصول بالكرة إلى خط الفريق المقابل، فتصطدم معهم في عراك وصراع شديد كثيرا ما يؤدي إلى كسور في العظام. كرة القدم لعبة الطبقة السفلى، والرغبي لعبة الطبقة الوسطى والأرستقراطية. الغرض من هذه التربية المضنية إعداد قادة للبلاد. معظم كبار قادتهم العسكريين، أبطال ووترلو ونورماندي والعلمين، وكل من تسلقوا قمة إفرست ووصلوا للقطب الجنوبي واجتازوا الربع الخالي والصحراء الكبرى لعبوا الرغبي في صباهم، وتلقوا هذه التربية العنيفة التي تتطلب الجهد والنشاط والعزيمة وتحمل الشدائد.

شهدت مؤخرا فيلما وثائقيا عن فتيات وفتيان إنجليز يخوضون رمال صحراء مصر في الصيف القاسي لمجرد قياس سرعة النمل في الصحراء! وهناك من شبان مصر من يتسكع في الأزقة ويتعارك ويغتصب النساء في التحرير. عالمهم عالم وعالمنا عالم آخر.

وسألني الفاضل عيسى سالم أين يمكنه الحصول على رواياتي. يمكنك يا سيدي قراءة بعض قصصي القصيرة على مدونتي

«alqishtainy.blogspot.com».