هل يصعد أوباما إلى أعلى الشجرة؟!

TT

إذا لم يكن في جعبة الرئيس أوباما مخارج عملية من المآزق العميقة التي انزلق إليها حل الدولتين فمن الأفضل له ولأميركا والمنطقة أن يؤجل الزيارة، أو يلغيها.

فكل ما يمكن أن يفعل دون ذلك لا يحتاج إلى زيارة ولا إلى إنعاش آمال.. ذلك أن الإنجاز المتواضع مثل مجرد فتح الملف، يمكن أن يتم دون أن يبارح أوباما البيت الأبيض، ودون اضطراره لأن يعيد الشعوب والزعماء إلى أعلى الشجرة مثلما حدث في الولاية الأولى.

يعرف خبراء السياسة والناس العاديون ما سيجده الرجل أمامه في الشرق الأوسط. ومفتاحه المفترض هو النزاع العربي - الإسرائيلي، وعنوانه الطازج هو المسار الفلسطيني - الإسرائيلي، وذلك بموازاة الملف الإيراني الذي ليس كله نوويا، والربيع العربي الذي ليس كله ثورات نجحت.

ومنذ زياراته الأولى في باكورة عهده الأول كسيد للبيت الأبيض، حتى زيارته الثانية (ويا للمصادفة)، والتي تأتي في باكورة عهده الثاني.. والرئيس أوباما يتردى، وفي الشرق الأوسط بالذات، من فشل إلى آخر.. مما حول تطلعاته الثقافية بتدشين علاقة حب جديدة مع العرب والمسلمين إلى عكسها، فإذا بأميركا تخسر أصدقاءها بالجملة، وتتحول نظرة الشعوب لها إلى حالة فريدة.. بين أغلبية تعتبرها عدوة، وأقل من الأغلبية بقليل تعتبرها عاجزة، والجميع بات متأكدا من أن أوباما في الشرق الأوسط وزنه مثل وزن العرب في البيت الأبيض.

وإذا كانت ذروة العجز، وقلة الحيلة، تجسدت في اقتحام نتنياهو لعقر دار أوباما وتجرؤ رئيس وزراء إسرائيل على الدخول في لعبة عرض عضلات في الكونغرس مع الرئيس، فإن أوباما الذي تمكن من تخطي نتنياهو في المحصلة الأخيرة بأن فاز للمرة الثانية وحصل على أغلبية أصوات اليهود في أميركا، قد يعود لخسارة كل شيء، إذا ما فشل في إيجاد مخرج عملي مقنع لأزمة الاستعصاء التفاوضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك بعد تحييد العوامل الأخرى الأكثر تعقيدا، مثل تداعيات الربيع العربي، وخصوصا في مصر وسوريا.

إن بحوزة أوباما أوراقا فعالة تحتاج إلى جرأة لتوظيفها في سياق مشروع سياسي أميركي - أوروبي عالمي، لإنجاز تسوية فلسطينية - إسرائيلية، ذلك أن عناصر النجاح تبدو أكثر مصداقية من عناصر الفشل، وبوسعنا تحديدها باختصار على النحو التالي:

أولا: تقدم أوباما في معادلته الأميركية بالفوز، وحين يحصل أوباما على غالبية أصوات اليهود فبوسعه وضع حد لمزايدات نتنياهو على هذا الصعيد.

ثانيا: تراجع نتنياهو في معادلته الإسرائيلية والأميركية على السواء، والتراجع لم يقتصر على الانتخابات السابقة التي فاز فيها نتنياهو عدديا، وفشل حتى الآن في تشكيل حكومة تلائمه، بل وسيمتد إلى اللاحقة، حيث إن بوادر انهيار ظاهرته تتسارع في الاستطلاعات الدقيقة والمزاج الإسرائيلي العام.

ثالثا: لا جبهة رفض عربية وفلسطينية تعوق تقدم مشروع سلام متوازن، تقوده أميركا وتستند فيه إلى دعامة عربية، وإذا كان هناك من معارضة وهذا أمر بديهي، فليس بحجم المعارضات السابقة التي كانت قادرة على إحباط أي مشروع ولو بافتعال حروب داخلية.

هذه عناصر جوهرية تشجع أوباما على الإقدام والتخلي عن الاعتبارات التي استغلها نتنياهو لإضعاف إيقاع رئيس الدولة العظمى في الشرق الأوسط، بل وفي العالم بأسره، فهل يضع أوباما هذه الأمور في سياق تصميم قوي على الفعل؟

إن زيارته المرتقبة ستحمل الجواب عن هذا السؤال، هل سيجد المخارج؟ أم أنه وبعد أن رفع كثيرين إلى أعلى الشجرة سيصعد هو إليها ثانية؟!