تونس.. لمن السلاح؟

TT

ما زال الشارع التونسي يتلقى الصدمات، وآخرها صدمة مخزن الأسلحة الكبير الذي كشف عنه في غرب العاصمة، ليست الصدمة في وجود سلاح، لكن الصدمة لماذا يوجد هذا السلاح؟ ومن سيستخدمه وضد من؟

سؤال في غاية الخطورة يطلقه كل تونسي على نفسه قبل الآخرين، خاصة أن هذا الشعب معروف عنه بالشعب المسالم، لماذا السلاح مكدس؟ وما الذي يخطط له أولئك الذين يريدون لتونس الفوضى؟ وبالتأكيد فإن هذا السلاح هو من مخلفات نظام القذافي الذي ترك مخازن كثيرة تسربت لدول الجوار الليبي بشكل يؤهل أي قوة أن تكون حاضرة في المشهد العام طالما توفر السلاح.

وبالعودة للسؤال: من يستخدم السلاح؟ وضد من؟ نجد أن القوى السلفية في تونس تسيطر بشكل كبير جدا على مجريات الأمور في هذا البلد الذي لم يكن في يوم ما سوى واحة للأمن والأمان، ولعل هذا بالذات هو المفقود الآن في حياة التونسيين الذين وجدوا أنفسهم يعيشون استبداد القوى السلفية التي تحاول أن تفرض ثقافتها بالقوة على الشعب التونسي، وهو الأمر الذي جعل الكثير منهم يجد نفسه أمام مقارنة ما كان موجودا أيام بن علي وما هو موجود الآن، وهي مقارنة لا يمكن تجاهلها وسط وضع اقتصادي خطير.

وعلينا أن نشير هنا إلى أن هذا الفكر ليس وليد ثورة الياسمين بقدر ما إنه فكر تراكمي، خاصة أن البعض من الشباب التونسي له بصمات واضحة في الكثير من العمليات الإرهابية في عدد من الدول سواء العراق في السنوات الماضية. وبالتالي، فإن هذه الحالة تمثل أن عودة هؤلاء إلى ديارهم التونسية ستكون من الخطورة ما يجعلهم قنابل موقوتة تتجول في مدن تونس وتنفجر بين لحظة وأخرى.

وعلينا أن نشير هنا إلى نقطة في غاية الأهمية هي أن البيئة تلعب دورا كبيرا في وجود حواضن لهذه التيارات التي عادة ما تختار الوتر الديني لكسب الآخرين، خاصة الطبقات الفقيرة ماديا، والتي عادة ما تنتشر الأمية في صفوف أبنائها، وهو الأمر الذي يساعد كثيرا في تفشي هذه الظاهرة.

ومخاوف التوانسة كما لمستها منهم بشكل مباشر، تكمن في اتجاهين، الأول شعورهم بتنامي هذا التيار وامتداده السريع والمخيف معا على حساب قوى الاعتدال، والثاني إحباطهم من الحكومة وعدم قدرتها على إعادة الأمن الذي يتسرب يوما بعد آخر وينعكس سلبيا على حياة المواطن التونسي، بل وينعكس على اقتصاد تونس وعلاقاته الأوروبية خاصة.

وخلاصة مخاوف التونسيين تكمن في أن تكدس السلاح يعني أن ثمة مواجهة خطيرة ستحدث، قد تطال كل من يعارض الفكر السائد حاليا، وبوادرها بدأت باغتيال بلعيد، ومطالبة القوى السياسية بتشكيل حكومة تكنوقراط ستجد من الرفض أكثر ما تجده من القبول من قبل الترويكا الحاكمة، وهذا ما يجعل البعض من أبناء تونس يعيش مخاوف انفلات أمني ينعكس سلبا على الجميع.