افضحني شكرا!

TT

هل هو مورد رزق جديد للفنانين أم أنه وسيلة لإثبات الحضور، أم لعله فرصة ذهبية لتصفية الحسابات؟ أعتقد أنه كل ذلك! قليل هم الفنانون الذين يعبرون عن حقيقة آرائهم وما يجيش في أعماقهم، والأغلبية يبحثون عن مزيد من الأموال حتى ولو كان الثمن هو بيع مزيد من الفضائح، بل بعضهم صار يردد من أجل إقناع الزبون «اشتر ثلاث فضائح بثمن اثنتين»!

تقلص عدد المسلسلات الدرامية المنتجة هذا العام بسبب ضبابية سوق التوزيع، وهكذا انتعشت في المقابل سوق البرامج التي يقدمها الفنانون، كما صار الوجود في البرامج الرمضانية واحدا من الأهداف. العزف على وتر الانقلابات السياسية ما بين الثورة والفلول كان هو «التيمة» الرئيسية بعد ثورات الربيع العربي، هذه المرة عاد الحنين مرة أخرى لبرامج النميمة، عدد منها يجري تصويره في القاهرة وبيروت ودبي وتفوح من كواليسها الآن تلك الرائحة.

الكل يعلم أن الفنان يأتي لتلك البرامج من أجل حفنة آلاف من الدولارات مقابل أن يجرؤ على فتح النيران على نفسه وعلى زملائه، وكلما فتح أكثر نجح البرنامج أكثر، وفي الوقت نفسه وجد الفنان أنه مطلوب في قنوات مماثلة وبمبالغ أكبر!

إنه نوع من «البيزنس» التجاري مهما غلفه البعض بشعارات مثل قول الحقيقة العارية وأنه لا يريد أن يكتم شيئا في قلبه ولا يعلمه جمهوره الحبيب. وبعدها تنفلت ماسورة الكلمات الغاضبة ضد، من كل الفنانين وعبر كل الفضائيات.

بالتأكيد لا أحد فوق التقييم والانتقاد، أم كلثوم تعرضت تصريحا وتلميحا إلى أن أغنياتها سبب هزيمة 67، وعلى صفحات الجرائد قال وقتها الموسيقار محمود الشريف: «إن أغانيها ساهمت في انتشار المخدرات في مصر»، وذلك في تعقيبه على الهزيمة قبل نحو 46 عاما!

وجمال سلامة قال في الثمانينات من القرن الماضي: «إن المطرب الشعبي (الريس متقال قناوي متقال) لديه ثقافة موسيقية أكثر من الموسيقار محمد عبد الوهاب».

صباح تخصصت في الحديث عن العديد من أزواجها الذين خانوها ولمحت إلى خيانتها لبعضهم. مريم فخر الدين تكرر هجومها ضد فاتن حمامة.. من المعروف أن فاتن حملت لقب سيدة الشاشة العربية.. ولكن مريم تطل عبر الفضائيات لتقول لا لسنا جواري حتى تصبح لنا سيدة! نجوم هذا الجيل ملعبهم الأساسي هو بيع أدق أسرار حياتهم الشخصية.. حب وخيانة وشيكات من دون رصيد وتعاطي مخدرات، ولا يمكن أن تعتبره أسلوبا في العلاج النفسي أو التطهير الداخلي عن طريق البوح، لأن الحقيقة هي أنهم يبوحون ولا يتطهرون، والدليل ستجده في العام التالي عندما يذهبون إلى برنامج مماثل ويكررون نفس الحكايات مع إضافة نكهة مختلفة وطعم «سبايسي»!

بعض الفنانين يحرصون على ألا يورطهم أحد في أحاديث شخصية مثل فاتن حمامة التي نادرا ما ترحب بالظهور في البرامج.. بينما فيروز تغلق تماما هذا الباب مهما كان الإغراء المادي. ماجدة الرومي ترفض أن يخوض أحد في حياتها الشخصية.

مثل هذه البرامج تنعش المحطات الفضائية التي تشتريها لما تحققه من كثافة إعلانية.. ولا ألوم المذيع الذي ينقب ويعثر على الفضائح.. ولكن ألوم على الفنان الذي يوافق على هذه الصفقة، فهو يقبض المبلغ الذي يساوي فضيحته، الكل يبيع في هذا المزاد العلني. ويبقى في الجعبة نوع آخر، وهو برامج المقالب التي يشارك فيها الفنانون وهم يعلمون أنهم بصدد لعبة مكشوفة، والجمهور من الوهلة الأولى يدرك أنها مكشوفة، إلا أنهم حتى تكتمل الشروط يصدرون للجمهور كم هم سذج، والدليل أنهم لم يكتشفوا المكشوف، وكل بثمنه، وشعارهم الأثير هو «افضحني شكرا»!