امرأته عاقر.. ولديه 2900 ولد وبنت

TT

إليكم هذه الحكاية الخفيفة التي ليس فيها أي (رتوش)، أردت أن أضعها أمامكم كعبرة ودلالة على أن العمل الطيب ليس حكرا على فئة أو مذهب أو منطقة.

ويقال: إن الدكتور (جورج ماكنون) ظل ثلاثين عاما يتعهد الفلاحين والقرويين والهنود الحمر من سكان الغابات الشمالية في ولاية (ويسكونسن)، فيقضي يومه ما بين حطاب يداوي جروحه، وثلوج يشقها قاطعا عشرين ميلا أو أكثر لكي يصل إلى امرأة هندية قد جاءها المخاض، ثم ينطلق قاطعا ثلاثين ميلا أخرى ليعالج صبيا مريضا ويهدئ من روع أمه - وهو في ذلك كله على يقين من أنه لن ينال أجرا، ولكنه لم يرفض قط دعوة، ولا طالب أحدا بأجر.

وقد استقبل بيده أكثر من (2900) مولود.

وفي أحد الأيام لم يكن الطبيب يعلم بما يعده له أهل القرية، ففي صباح ذلك اليوم خرج من عيادته وما كاد يسير قليلا حتى جاء عمدة القرية ومعه وكيله، فاستوقفاه وعلقا على صدره وساما.

ثم أخذت سيارات مدرسة القرية تصل تباعا وهي تقل التلاميذ والتلميذات الذين عطلوا يوم الدراسة، وعلى صدر كل منهم بطاقة تدل على أنه ولد على يد الدكتور ماكنون.

وكان الجو يومئذ قارسا، ومع ذلك طفق الأولاد يتواثبون مرحا وهم يضعون الشارات على السيارات والعربات.

ثم جاءت ساعة العرض، فأخذ الدكتور ماكنون يستعرضهم وهو واقف على منصة خشبية صغيرة وكان فيهم الرجال والنساء الكبار الذين أصبحوا آباء وأمهات ممن ولدوا على يده، وكان معظم الأولاد العازفين في طليعة الموكب.

وجاءت عربات مزينة يتبعها قطيع من الثيران وحصان عجوز يجرّ مركبة كان الطبيب يستعملها قديما.

ويذكر هو كيف كان يشق طريقه في الثلج أميالا طويلة ليزور بيتا في غابة بعيدة، ثم تذكر وباء الأنفلونزا في سنة 1918، وكيف كان يجول بين المرضى نهارا وليلا، حتى إذا بلغ منه الجهد، ربط حصانه في حقل ونام في العربة، فهو يعلم أنه لا يكاد يبلغ داره حتى يستدعى إلى مريض آخر.

ظل الدكتور في موقفه ذاك يمسح دموعه من شدة التأثر، في حين أخذت الطائرات تحلق وتلقي إليه أوراقا فيها تحيات.

وبعدها ذهبوا به إلى قاعة البلدية المحتشدة بالناس، وأخذ رئيس غرفة التجارة يلقي خطاب إشادة وترحيب، وبينما كان منتصفا بخطابه حتى وصلت دعوة مستعجلة للدكتور لأن سيدة أتاها مخاضها، فتركهم جميعا في الساعة 9:5، ولم يرجع لهم إلاّ في الساعة 11.

وما إن دخل عليهم حتى وجد القوم وقوفا وجلوسا ينتظرونه، واستقبلوه بعاصفة مدوية من التصفيق.

وبدأت تبرعاتهم العينية والمادية دلالة على عرفانهم له بالجميل، ووصلت أرقامها إلى أكثر من مائة ألف دولار، وذلك لكي يحسن من وضع منزله ويشتري له سيارة جديدة.

شكرهم على ذلك، ثم فاجأهم بأنه تبرع بها كلها لمستشفى البلدة دون أن يأخذ منها دولارا واحدا.

والمفارقة أن زوجة ذلك الطبيب كانت عاقرا، وماتت هي فيما بعد ومات هو دون أن يكون لهما ولد.

[email protected]