ضرورات الثورة المعلوماتية في جامعات كردستان العراق

TT

ونحن في خضم الاستعدادات والتحضيرات لإظهار أربيل بأحلى حلة وهي تستعد لاستقبال وزراء السياحة العرب في عام 2014، انتابتني رغبة ملحة في أن أرى في إقليم كردستان والعراق ثورة في مجال التربية والتعليم، إذ إن ما تحقق في الإقليم من إنجازات سياسية واقتصادية، الذي أسهم في اختيار أربيل كعاصمة للسياحة، جاء بفعل سياسي انعكس على الواقع الاقتصادي نتيجة القوانين الداعمة للاستثمار وما تحقق من استقرار وأمن بفضل الأجهزة الأمنية، ومصداق ذلك تدفق كبرى الشركات العالمية مثل «شيفرون»، و«أكسموبيل»، و«توتال» الفرنسية، وغيرها، فضلا عن زهاء ثلاثمائة شركة تركية ومئات الشركات الأخرى ومن مختلف الجنسيات، حتى تحولت أربيل إلى ورشة عمل كبيرة... أدت إلى أن تستقبل المؤتمرات العربية والعالمية والعلمية، وأبرزها استقبال مؤتمر اتحاد الجامعات العربية في أربيل في مارس (آذار) الحالي 2013، وبحضور أكثر من مائتي رئيس جامعة عربية، وبرعاية السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان.

عموما، ما تحقق هو بفضل لحظة وعي سياسي، أي إن أي متغير سياسي - لا سمح الله - سوف يعيدنا إلى لحظة نكوص وانكفاء. لذا، نرى أننا بحاجة للحفاظ على ما تحقق من مكتسبات تاريخية وديمومتها، والارتقاء نحو الأفضل، ومحاكاة الدول المتقدمة التي تعيش أعلى مراحل العلم وتستخدم الثورة المعلوماتية والتكنولوجية الرقمية، وحرية تدفق المعرفة وثورة الاتصالات والإعلام الفضائي، والازدهار العلمي بمختلف أشكاله، ورسم السياسات المعرفية المستقبلية - كل هذه الأمور تحتم علينا في هذه اللحظة التاريخية الرائعة التي نعيشها، أن نغير المناهج التربوية والتعليمية في الإقليم، أي مثلما أحدثنا ثورة في المجال الاقتصادي ومن تطور كبير في بناء المؤسسات المدنية بشكل متقدم. فإذا أردنا إدامة زخم ما تحقق من منجز وعلى مختلف الأصعدة، علينا إحداث الثورة التربوية والتعليمية، لأن ما يستخدم من طرق وأساليب في مؤسساتنا التربوية والتعليمية، هي متخلفة وتعود لقرون ماضية تعتمد على ثقافة لا تنمي وعي الطالب، بل هي تنتهج مبدأ التلقين الذي يدس المعلومة بوصفها حقيقة مطلقة ومقدسة، فتنمي روحية القطيع لدى المتلقي، في حين ما يجري في الغرب من أساليب وطرق وبرامج فإنها تعتمد على زرع الثقة وتنمي الشخصية، وتمنحه سلاح النقد والتحليل، أي تمنح الطالب الثقة بالنفس، وتمنحه أسلحة ومفاتيح معرفية تمكنه من إيجاد الحلول لما يواجهه من مشاكل ومعضلات.

لذا، علينا تغيير مناهجنا لتحاكي العالم المتطور ابتداء من الروضة حتى التعليم العالي، نحاكيهم في البنى التحتية من منشآت ومختبرات وساعات التدريس، فضلا عن الجرعات التعليمية، ومراعاة إشباع الحصص التعليمية، أي الاهتمام مثلا بدرس الموسيقى والرياضة، لا أن يتعامل معها كأنها حصص زائدة أو وضعها كإسقاط فرض، فضلا عن الاهتمام بالجوانب النفسية، فما يحدث من أساليب وطرق تدريس في الجامعات العراقية كافة قد عفا عليها الزمن.

فإذا أردنا أن نعد مواردنا البشرية، وبما يتناسب من تطور متحقق يشهده العالم بجوانبه الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية، علينا إحداث ثورة في واقعنا التربوي والتعليمي، وبما يفعل لغة التواصل العميق بين المؤسسات التعليمية والمجتمع، والاتصال بالتزامن مع ما يحدث من متغيرات تربوية وتعليمية في الغرب المتقدم، كما على مؤسساتنا الأساسية أن تكون على صلة مع مراكز الدراسات والبحوث في قراءة المتغير السياسي والاجتماعي والاقتصادي..

ففي العالم المتطور، تتخذ القرارات عبر الاعتماد على ما تقدمه مراكز البحوث والدراسات من قراءات ومعلومات علمية وإحصائية، ففي وضعنا الراهن لا أجد هذه الصلة بين المراكز البحثية وأصحاب القرار السياسي، لذا أجد من الضروري جدا، تطوير وتعزيز المراكز البحثية سواء الأكاديمية أو التابعة لمنظمات المجتمع المدني، ففي الولايات المتحدة الأميركية مثلا، يعتمد أصحاب القرار السياسي أو العلمي على الآلاف من مراكز الدراسات والبحوث، وهناك مؤسسات بحثية مشهورة تعتمد عليها الإدارة الأميركية في قراءتها للمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. العالمي. بعد الذي سقناه في هذه العجالة، نأمل أن يحظى رأينا هذا باهتمام المعنيين عبر وجهة نظر أكاديمية.

* رئيس جامعة صلاح الدين

في كردستان العراق