الشارع العربي في الشوارع العربية

TT

ما نسميه «الشارع العربي» يسمى في أي بقعة غير عربية «الرأي العام»، فهو لا يمثل فقط قضايا الذين يملكون الوقت (كل الوقت) للنزول إلى الشارع والإقامة فيه، بل أيضا مشاعر الناس الذين يفضلون التعبير عن مشاعرهم ومواقفهم، بطرق أخرى.

نزل الشارع العربي إلى الشارع منذ عامين ولم يعد بعد. والسبب أن معظم الذين تراهم على التلفزيون يصيحون أو يزعقون أو يحرقون أو يرشقون بالحجارة، لا عمل لديهم يذهبون إليه، لا مكاتب ولا مصانع، والشارع أكثر سلوى من البيت، خصوصا إذا كان الإنسان عاطلا عن العمل، ممنوعا عليه الأمل، و«كلو واحد».

لاحظ جنابك أن «الشارع العربي» استحق اسمه. كان يخرج من أجل فلسطين ثم صار يخرج من أجل الرغيف ثم الحرية. والآن يخرج من أجل فريق الأهلي ويرفض أحكام القضاء ولا يعجبه تشكيل الحكومات. في الماضي، كانت ترسل إليه الشرطة لتحافظ على الأمن وتضبط حركة الاحتجاج. الآن يا مولانا الشرطة مضربة ورجالها معتصمون في المخافر والألتراس يحيطون نادي الضباط في القاهرة. من هذا النادي خرج ذات يوم محمد نجيب وجمال عبد الناصر ونائبه أنور السادات ونائبه حسني مبارك الذي رفض أن يكون له نائب، وفضل أن يكون له ابن. وإليك نتيجة هذه الحكمة.

الذين نزلوا إلى ميدان التحرير في 25 يناير كانوا معروفي الوجوه والأهداف والأوصاف الاجتماعية. وكان لهم متحدثون باسمهم. وكانوا يعرفون مخاطبة السامعين من أي طبقة كانوا. الآن الشارع بيتكلم عربي. ولكن بلهجات أهل بابل وأبراجها. محكومون والألتراس وبلاك بلوك. جاء هذا بعد اعتصام القضاة والمحامين والآن الشرطة.

قبل أن يساء الظن بي من خلال الأسطر السابقة، أنا لست فرحا ولا مبتهجا بتصرف الحكم المصري الجديد، ولكنني أعتقد أن هذه الحرائق الصغيرة في مدن مصر وصولا إلى القناة إلى نادي الضباط إلى ميناء الإسكندرية، سوف تنتهي إلى حريق كبير فوق قدرة الإطفائيين.

في استطاعة المرشد أن يدل الرئيس محمد مرسي على أفضل الطرق الأخلاقية، لكنه لا يستطيع مساعدته في شيء في تدبير قرض بخمسة مليارات دولار من البنك الدولي. ولو كان خبيرا بشؤون السيادة لنصحه برفض مساعدة أميركية من 160 مليون دولار لأن الرقم معيب والطريقة مهينة والأسلوب الذي استخدمه المستر جون كيري بدائي.

بلغت خسائر البورصة المصرية منذ انتخاب الرئيس مرسي المليارات. وبدل قبول 160 مليون دولار يمكن أن تقدمها أي مجموعة من رجال الأعمال، كان يمكن حفظ المليارات عن طريق الإيحاء بالاستقرار والطمأنينة وعدم تنفير نصف مصر على الأقل.

للمرة الأولى منذ ستة عقود، مصر في الشارع، بيد الألتراس ترفض أحكام القضاء، ورجال الشرطة يضربون. والرئيس مرسي يستقبل في الصورة الرسمية.