ما بين عامي 2007 و2012 قفزت فاتورة علاج مرضى السكري بالولايات المتحدة وحدها من 174 مليار دولار إلى 245 مليار دولار، أي ارتفعت بنسبة 41 في المائة خلال فترة ست سنوات.
تلك حقيقة وضع التكلفة المادية للإصابة بمرضى السكري على المستوى القومي في الولايات المتحدة. وشملت تكلفة عام 2012 التكاليف المادية للرعاية الطبية المباشرة direct medical costs، التي بلغت 176 مليار دولار، والرعاية الطبية المباشرة هي التي تقدم لمرضى السكري في المستشفيات وأقسام الإسعاف والأدوية والفحوصات الطبية وزيارات العيادات وغيرها، والتكاليف المادية غير المباشرة indirect costs لمرض السكري بلغت 69 مليار دولار، وهي التي تشمل تكاليف التغيب عن العمل work absenteeism نتيجة للاضطرابات الصحية لمرض السكري، وانخفاض مستوى إنتاجية الفرد العامل جراء الإصابة بمرض السكري واضطرابات معالجته ومضاعفاته وتداعياته، والبطالة الناتجة عن عدم القدرة على العمل جراء الإعاقات الناجمة عن الإصابة بالسكري diabetes - related disability، وفقدان الإنتاجية بسبب الوفاة المبكرة نتيجة الإصابة بالسكري.
النتائج أعلنتها الرابطة الأميركية لمرض السكري American Diabetes Association في السادس من مارس (آذار) الحالي، على لسان الرئيس التنفيذي للأنشطة العلمية والطبية بالرابطة الدكتور روبيرت راتنر، وستنشر ضمن عدد أبريل (نيسان) المقبل من مجلة الرابطة « Diabetes Care».
وقال الدكتور راتنر: «ومع ارتفاع عدد الإصابات بمرضى السكري بالولايات المتحدة، ترتفع التكلفة الاقتصادية المادية». وأضاف: «حينما يأتي الحديث عن ارتفاع الكلفة المادية لمرض السكري، فإن أحد مفاتيح النقاش لتفسير هذا الارتفاع هو أن ثمة ارتفاعا في عدد مرضى السكري وارتفاعا لعدد منْ يتلقون معالجة له. ومن المهم ملاحظة أن معالجة مرضى السكري هي عملية مكلفة ماديا ويضاف إليها الارتفاع المتواصل في أعداد المصابين بهذا المرض». وكانت تصريحات صحافية سابقة له وللرابطة في نشراتها العلمية والإخبارية قد وصفت حالة الانتشار للإصابات بمرض السكري بأنها وصلت إلى حد «حالة وبائية»؛ وذلك للانتشار والارتفاع السريع في أعدد المصابين والشرائح العمرية والاجتماعية التي تنتشر فيها تلك الإصابات. ولذا عقب كلامه بالقول: «والنتائج الحديثة لمشروع التقدير المستقبلي future estimates project حول مرض السكري تشير إلى أن واحدا من بين كل ثلاثة بالغين من سكان الولايات المتحدة سيكون مصابا بالسكري في عام 2050، وهي أرقام منذرة بالخطر بشكل مدوٍّ، وتتطلب من الأمة الأميركية التعامل مع هذه الحالة الوبائية».
ووفق التقديرات الحالية، فثمة نحو 28 مليون مصاب بمرض السكري، وهناك بالإضافة إلى ذلك نحو 80 مليون شخص آخرين مصابين بحالة «ما قبل السكري» prediabetes وحالة «ما قبل السكري» يتم تشخيصها بدقة عبر إجراء تحاليل لنسبة السكر في الدم ولا تكون النتائج حينها ضمن المعدل الطبيعي، إلا أنها لا تصل في الوقت نفسه إلى حد تشخيص الإصابة بمرض السكري، أي حالة ما بين وبين، وفيها ترتفع احتمالات تطور الحالة نحو الإصابة الحقيقية بمرض السكري ما لم يعمل المصاب بجد نحو تقليل خطورة العوامل التي تهدد تحويله إلى مريض سكري بـ«شكل رسمي».
ولاحظ التقرير أن ولاية كاليفورنيا كانت الأولى في الكلفة المالية لفاتورة مرض السكري القومية بمبلغ نحو 28 مليار دولار، ولكن رغم حلول ولاية فلوريدا في المرتبة الرابعة من ناحية عدد مرضى السكري، فإنها كانت الثانية في الكلفة المادية متخطية ولايتي تكساس ونيويورك، الثانية والثالثة، ما يثير تساؤلات حول أسباب ارتفاع التكلفة المادية لمرضى السكري لجهة إما ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية في ولاية فلوريدا أو ارتفاع نسبة المضاعفات وصعوبة معالجة حالات مرضى السكري في تلك الولاية ما يستلزم مزيدا من الإنفاق المادي. ولاحظ التقرير أيضا أن الإنفاق السنوي على مريض السكري من ذوي الأصول اللاتينية نحو 6 آلاف دولار، ومن البيض نحو 8 آلاف دولار، ومن ذوي الأصول الأفريقية نحو 9.5 ألف دولار. كما لاحظ أن التكلفة السنوية لمعالجة الرجل الأميركي المصاب بالسكري أقل بأكثر من ألف دولار مقارنة بالمرأة نحو 7.5، و8.5 ألف دولار على التوالي.
والواقع أن التكاليف المادية لمعالجة الأمراض الشائعة جدا آخذة في الارتفاع، ومثال مرض السكري أحدها، ولكنه ليس الأكثر إثارة «للهلع» فيها، ذلك أن إصدارات رابطة القلب الأميركية لعام 2013 وضمن مشروعها لتحديد الكلفة المادية للرعاية الطبية المستقبلية لمرضى القلب في الولايات المتحدة تحدثت عن أرقام مزعجة في الحقيقة، إذ بالمقارنة مع التكلفة المادية السنوية لأمراض القلب التي بلغت عام 1999 نحو 286 مليار دولار، فإنها اليوم تصل إلى نحو 360 مليار دولار، ومن الموقع، ووفق وسائل دقيقة للباحثين في الرابطة لحساب التوقعات، ستصل إلى 818 مليار دولار لعام 2030 فقط. * استشاري باطنية وقلب
مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض