شكرا إحسان أوغلي

TT

البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، قررت جامعة عين شمس المصرية العريقة، أن تمنحه الدكتوراه، وذلك يوم 4 أبريل (نيسان) المقبل، وكان البروفسور أوغلي قد تلقى تكريما كبيرا من الحكومة المصرية عندما منحته قلادة النيل، وهي أعلى وسام مصري يمنح، وذلك خلال انعقاد مؤتمر القمة الإسلامية بالقاهرة خلال شهر فبراير (شباط) الماضي. وإحسان أوغلي يستعد لترك منصبه قريبا بعد انقضاء مدته التي كان له فيها البصمات النافذة والمؤثرة والفاعلة، فالرجل صنع المنصب ولم يصنعه المنصب، فلقد أسهم في إعادة الهيبة والاحترام لكيان إسلامي ودولي مهم، وفرض احترامه بشخصيته العلمية الثرية وحضوره الراقي وشخصيته المحترمة وأسلوبه المهذب والمحترم على مناسبات واجتماعات العالم التي حضرها، وكان بالتالي مرآة للمنظمة وأجبر المنظمة لتكون مرآة للرجل نفسه. وقد حصلت بعض التطورات الإدارية المهمة والإصلاحات الواضحة في عهده، وتحسنت لغة التواصل مع الحكومات والأجهزة الإعلامية بشكل غير مسبوق. كان الرجل حريصا على إظهار الجانب الوسطي والسمح في الدين الإسلامي وفتح أسلوب الحوار مع الثقافات ومع الأديان بلا قلق ولا رهبة ولا خوف، فالرجل نفسه هو نتاج هذه الروح، وقد أسهم شخصيا في بناء جسور جميلة من الثقة والتواصل بين تركيا والعالم العربي، وكان تمكنه العظيم من اللغة العربية والثقافة العربية والذهنية العربية سببا بليغا في نجاح الرجل في بناء التواصل الإيجابي المطلوب والمنشود مع الملوك والرؤساء والمشايخ ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام والعامة. الرجل تمكن من تكوين قيمة مضافة لمؤسسة عملاقة بقيت لفترة طويلة جدا على «رف» النسيان ولا يذكرها الناس إلا بين كل حين وآخر من باب المجاملة لا أكثر. البروفسور أوغلي نموذج مثالي للمسلم القيادي المحترم والقدوة الجميلة، فهو يعلم تماما مكان الخلل والخطأ والخطاب الإسلامي المعاصر الموجه للداخل الإسلامي والموجه للخارج لغير المسلمين، وهو لا يعتذر ولا يبرر، ولكنه يعترف بالخطأ الموجود ويصر وينصح بأهمية مواجهة الخطأ والاعتراف به والعمل على إصلاحه، وفي خطابه مع الغرب غير المسلم هو واثق وشامخ وغير اعتذاري يفرق في أطروحاته بين الإقرار بالمشكلة وبين توضيح مواقف الغرب المتطرفة والمتشددة والعنصرية والظالمة ويقدم كل ذلك بحجج موثقة ومحترمة ومتوازنة لا يمكن إلا القبول بها ومناقشتها من كل منصف وعاقل وحكيم. أكمل الدين إحسان أوغلي يترك المنصب مرفوع الرأس شامخ القامة وهالات الوقار والاحترام والتقدير تحيط به أينما رحل، لأنه استحق هذه المكانة بجدارة منقطعة النظير، وأعتقد أن الدولة المضيفة المملكة العربية السعودية، بلد الحرمين الشريفين، وملكها الكريم خادم الحرمين الشريفين، لن يفوتا فرصة تكريم أوغلي بما يستحق. فأوغلي يترك منصبه بإنجاز جيد ومكانة مهمة ومسيرة بدأت في خطوات مهمة ولافتة وتستحق المتابعة والاستمرار والتواصل، وهذا هو مكمن التحدي، لأن أوغلي كان حريصا على العمل المؤسسي وترك بصمة من الممكن البناء عليها ولا تنتهي باختفائه من منصبه. شكرا إحسان أوغلي على عمل متقن وسمعة طيبة، وأصدق الأماني والدعاء لك بالتوفيق.