شكرا.. مرة.. مرتين.. والثالثة امتنان

TT

كان الأحرى ألا أكتب في هذا الأمر، لكن واجب الامتنان يلزمني بذلك. يوم السبت الماضي كتب رئيس الهلال الأحمر الكويتي، الأستاذ برجس البرجس، مقالا في «القبس» عنوانه «مستشفى الهلال الأحمر وسمير عطا الله»، أي محبركم الأمين. يروي الصديق حكاية زاوية شرحت فيها قبل أشهر أن الهلال الأحمر الكويتي، بنى وجهز مستشفى في مدينة المينا، طرابلس، وأن كل المحاولات التي بذلت لتسليمه إلى الدولة اللبنانية قد فشلت. صباح صدور المقال اتصل بي الرئيس ميقاتي، قائلا: إنه شخصيا، لا يريد «إزعال» الكويت، وخصوصا أبا خالد البرجس، ولذا سيتابع الأمر فورا، ثم اتصل وزير الصحة الأستاذ علي حسن خليل، وقال: إن المعاملات الجارية ستسرع للتو، وبعد أسبوع اتصل بي أبو خالد من بيروت إلى فلوريدا يسألني «ألن تحضر معنا تدشين المستشفى»؟

كان يجب أن أكتب يومها عما حدث، على الأقل لكي أشكر الرئيس ميقاتي والوزير الخليل، لكنني تمنعت لكي لا أبدو مغلفا الكبرياء السمجة في بسمة تواضع، لكن بعد مقال أبي خالد، لم يعد لائقا ألا أشكر الرئيس ميقاتي والوزير الخليل، لأنهما أعطياني فرصة أن أرد للكويت بعض القليل من كثيرها، وذكرى السنوات التي عملت فيها.

وثمة سبب آخر، لقد ختم برجس البرجس جرحا في نفسي ظل مفتوحا بضع سنين، ففي صحافة الكويت، مثل جميع العالم عبر العصور، نوعان من الكتّاب: صاحب موهبة أو بائع شعير. تعرضت لقسوة مجانية من الأول، لأنه كان يبحث عن موضوع لزاويته، ولقسوة مأجورة من الثاني لأنه كان يبيع للآخرين حمولة كيس آخر.

حسم هذا الموضوع برجس البرجس، باعتباره أحد بناة الصحافة في الكويت، وخصوصا قسم المصداقية فيها. قبل أسابيع، قال لي صديق عربي في نيويورك إن زميلا من الكويت يريد الاعتذار عن إهانة ألحقها بي. قلت له: لا داعي لذلك، فقد خلت الإهانة من الصدق لكنها امتلأت بالظرف، وهذا عذر في نفسه. لكن أرجوك أن تنقل إليه أن الكاتب لا يستطيع أن يزيد أو ينقص في كرامة سواه، لكن عليه أن يهتم بكرامته. والسخرية، كالمديح، ميزان. وأدب المفاكهة، مثل الآداب الأخرى، شرطه الأول الأدب. ومن أُعطي موهبة فليحرسها. الفارغون لا شيء لديهم يحرسونه.