أوباما وآخر الزمان

TT

إذا كنت عربيا ومسلما، تكره الرئيس الأميركي باراك أوباما، لأي سبب كان، مثل خذلانه للثورة السورية منذ البداية، وموقفه الغامض في الإبقاء على نظام بشار الأسد، أو بسبب «تملقه» للدولة الإسرائيلية، أو بسبب طائرات «الدرون» التي تقتل بلا حسيب أو رقيب، أو كان ذلك بسبب خذلانه لقضية الحقوق المدنية للحركة السوداء، أو بسبب تمكينه للإخوان المسلمين في العالم العربي، والتآمر لإسقاط الأنظمة السابقة وإحلال الفوضى محلها، أو بسبب استهدافه لكوريا الشمالية وعاصمتها الحمراء (بيونغ يانغ)، أو بسبب أنه مجرد خدعة أميركية لتخدير المسلمين والعالم الثالث، بعد عهد بوش الابن العاصف والساخن في المواجهة مع العالم الإسلامي.. إذا كنت تكره أوباما لأي سبب من الأسباب السابق ذكرها، أو غير ذلك من الأسباب، فقد يحسن أن تعلم أنك لست وحدك الذي يتملكه هذا الشعور.

حسب استطلاعات الصحف التي تجريها «سي إن إن» على موقعها، فإن جريدة «الغارديان» البريطانية أوردت العنوان التالي: «استبيان يظهر أن ربع الأميركيين يعتقدون أن أوباما هو المسيح الدجال الذي سيظهر آخر الزمان».

وأضافت الصحيفة أن الاستبيان الذي نظمه «مركز استطلاع السياسات العامة» يظهر أن 73 في المائة من الأميركيين فقط أعربوا عن ثقتهم بأن أوباما ليس المسيح الدجال، كما قال 28 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنهم يثقون في فرضية وجود حكومة سرية تقود النظام العالمي الجديد.

ليس هذا فقط، فهناك اعتقادات أخرى قد يستحي البعض من قولها في العلن، لكن يجب القول لهؤلاء البعض الآن: لا تخف، قلها علنا، فهناك ملايين يشاطرونك هذه الاعتقادات.

فحسب نفس هذا الاستطلاع المجرى في أميركا، فإن 7% من الأميركيين يشكّون في صدقية النزول على سطح القمر، بينما يؤمن أربعة في المائة بوجود مخلوقات فضائية قادرة على التنكر بمظهر بشري.

لا حدود للأفكار الغريبة، ومن الطبيعي ألا يكتفي الإنسان بما يذكر له في وسائل الإعلام، أو عبر البيانات الرسمية، أو من صاحب الشأن، خصوصا إذا كان لهذا الحدث تأثير على الواقع، ومترتبات عملية تمس الناس، مثل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) التي يوجد إلى اليوم من يؤمن أنها خدعة كبرى، ثم يختلفون في طبيعة هذا الخادع للناس: صربيا كما ظن حسنين هيكل، أو شركات السلاح كما يرى بعض اليسار، أو الـ«سي آي إيه» كما يرى آخرون، أو اليهود... إلخ.

كذلك الأمر مع ما يسمى بالربيع العربي، هل هو مخطط محكم ودقيق ومرتب له في سراديب «الحكومة العالمية السرية» التي يؤمن بها بعض الأميركان، أم هي تداعيات، بعضها مخطط له، وبعضها عفوي، ونتيجة طبيعية للقانون السببي المنطقي؟

على كل حال، من الصعب أن تقنع شخصا تملكته الحماسة تجاه فكرة ما، خصوصا إذا كان فيها قدر من الغموض والخيال. لكن المؤكد أن السيد باراك أوباما لم يعد «المخلص» لدى كثير من مدخني الأحلام، وتحول إلى نقيض الصورة المبنية عنه في أيام الحملة الانتخابية الأولى، حيث استقبلته أحلام الناس كفارس آتٍ من عالم النقاء ليخلص أميركا ومعها العالم من الظلم والجور، ويملأ الأرض قسطا وعدلا.. ومن سوء حظ الرئيس المولع بالإنترنت والـ«بلاكبيري» و«تويتر» أنه في عصر السرعة هذا كان تبخر هذه الصورة سريعا، ليحل محلها صورة نقيضة و«خيالية» أيضا، عن شخص آتٍ بصورة المسيح الدجال.

كم تشقي هذه الأحلام مشاعر البشر، وكم يشقى من يقتات عليها.

[email protected]