ارفعوا أيديكم عن لبنان (أيها اللبنانيون)

TT

تذكر اللبنانيون «13 (نيسان) 1975م» بالطريقة التي يكررونها كل عام.. تدبيجات في الصحف ورسوم متنوعة لبوسطة عين الرمانة التي كانت شرارة الحرب. معظم الرسوم كانت ممجوجة مثل الحرب ورتيبة مضجرة وخالية من أي إبداع. منذ 36 عاما لم يجرؤ أحد إلى اليوم أن يكتب أو يروي حقيقة البوسطة المليئة بعمال فلسطينيين ولماذا مرت أمام كنيسة كتائبية في منطقة عين الرمانة، ولماذا في ساعة مهرجان كان يقام هناك. لا يزال «حادث» عين الرمانة، بعد 36 عاما، مجرد تقرير في مخفر الدرك. والإضافة الوحيدة هي صورة الكاريكاتير المملة والخالية من الفكر السياسي.

ينكر اللبنانيون أن الحرب حربهم. وقد رفض غسان تويني أن يصدق أن مواطنيه يرتكبون كل هذه الفظائع فوضع كتابه «حروب الآخرين». صحيح أنه لم يبق أحد إلا وخاض حربه في لبنان، لأن الساحات الموبوءة دعوة مفتوحة للقتلة من كل الأصناف، لكن المتبرعين بالحرب كانوا اللبنانيين الذين اصطفوا أمام أبواب السفارات أو في أقبية المخابرات أو على حواجز القتل والمتاريس والذبح على الهويات. ولم يكن فريق كبير من الفلسطينيين أقل جريمة وفسادا. وباسم تحرير فلسطين انقسموا إلى جبهات وأحزاب تتقاتل وتتنافس فيما بينها وتقاتل جميعها على أرض يفترض أنها أمانة في عنقها، واستضعف العرب لبنان فحولوه إلى مسلخ، كالذي عرضت فيه جثة معمر القذافي ملقى على حصيرة. وجعلوا منه مختبرا لأسلحتهم ونفوذهم ومشاريعهم، فإذا المختبر صورة لما سيحدث في بلدانهم ذات يوم.

باع بعض اللبنانيين كل شيء. والذين قتلوا ودمروا وخربوا وملأوا الدنيا مقابر، مسلحين بالمال العراقي من أجل مقاتلة سوريا، يحاربون اليوم إلى جانب سوريا من أجل السلطة والنفوذ. ويلقون الخطاب نفسه حول النزاهة والوحدة الوطنية ومصلحة البلد. والحقيقة أن لبنان ليس سوى أكياس مال وصناديق سلاح وفجاجة سياسية لا مثيل لعنجهيتها إلا في لبنان. يلقي اللبناني المسؤولية على «الخارج». وعندما «ينحشر» بالحقيقة يقول إنهم «الزعماء» والسياسيون. ولو تذكر 13 نيسان بضمير ووعي لعرف أن كل المسألة هي هو. وأنه لم يتغير. وأنه يثرثر خطبا لكنه مستعد لتكرار بوسطة عين الرمانة كل لحظة. وأنه يخرج من منزله كل يوم ليعرض نفسه وأرضه على من يشتري أو يقايض. إن لم يكن بالمال فالنفوذ وهو كفيل بأن يحوله إلى مال.

الرسوم الكاريكاتيرية السمجة لبوسطة عين الرمانة شيء ممل لحرب لم تكن في حاجة إلى بوسطة لتشتعل. بعد 36 عاما لبنان عاجز عن تشكيل حكومة ترضي الأوادم وتقنع الضمائر. واللبنانيون ينحون باللوم على الآخرين.