عبد الله الزامل: قصة نجاح

TT

الاقتصاد العربي الأكبر هو السعودية كما هو معلوم. وهذا الاقتصاد المهم بنى صيته على دولة مارست سياسة السوق الحرة والمفتوحة، وركزت على خطط التنمية لانعاش مجتمعها مولدة فرصا اقتصادية واستثمارية استثنائية منتجة رجال أعمال ناجحين بالمعايير الدولية وكذلك شركات عابرة للحدود، وهذا أدى إلى ولادة رجال أعمال قياديين من طراز نادر وفريد، فيهم روح الجرأة والمغامرة والإقدام على تجربة ما هو مختلف وذكاء كبير في قراءة الأحداث والتجهيز المناسب لاقتناص الفرص. وقد عرف السعوديون «عمالقة» كبارا من هؤلاء الرجال ساهموا بشكل واضح في صناعة الاقتصاد السعودي والعربي. واليوم يستشعر السعوديون أن هناك «غيابا» للنماذج الجديدة من القيادات المميزة والناضجة في عالم الأعمال، وقصص النجاح الحالية متنوعة ولكن هناك «غيابا» لأسماء كانت تقليديا تأتي بشكل «مبهر» من المنطقة الغربية والمنطقة الوسطى من السعودية، ولكن المنطقة الشرقية كانت دوما المكان الهادئ الذي يعمل بلا ضجيج ولا إزعاج ولا ضوضاء، وأفرز أسماء عملاقة وناجحة عبر الزمان، وهاهم رجالها يساندون فريق «الفتح» لكرة القدم بشكل مدهش حتى تمكن من تحقيق لقب دوري كرة القدم التي كانت المنافسة عليه محصورة دوما بين أندية محددة، وفي هذا الانتصار الكبير والمفاجئ إبراز لقصة نجاح وعمل اشبه بالاسطوري وهو انعاكس لطبقة أهل المنطقة الشرقية الذين يفضلون العمل بهدوء ودقة وبلا مظاهر وعدم الاهتمام بالشكليات دائما. كان دوما التركيز على المضمون والنتائج هو الهدف الأهم وبالتالي خرجت من هذا المناخ والوسط التنافسي والاخلاقي قصص نجاح مهمة على صعيد الشركات العائلية، وكانت شركات الفوزان والجبر والعفالق والمهيدب والعليان والقصيبي والتميمي والتركي وغيرهم طبعا.

كان أهم هذه النماذج أسرة «الزامل» التي اهتمت وركزت بشكل أساسي وكبير على القطاع الصناعي، وكانت لهم النجاحات المهمة واللافتة، فتألقوا في المكيفات والزجاج والحديد وغيرها طبعا. كما بات معروفا ومفهوما اليوم ومن خلال قصة النجاح هذه ولدت هذه الأسرة العديد من النجوم المتألقين في هذا المجال الاقتصادي اللافت، فعرف المجتمع الاقتصادي أسماء من هذه الأسرة مثل عبد الرحمن وعبد العزيز ومحمد وأديب وخالد وحمد وعصام ونجيب. ويبدو أن هذه الأسرة ستقدم نجما جديدا لعالم الاقتصاد السعودي يمثل احد نماذج النجاح المهمة للجيل السعودي القادم، وأقصد هنا رجل الأعمال الشاب عبد الله الزامل، المسؤول عن الاستثمار الصناعي للمجموعة العملاقة.

عبد الله رجل هادئ الطباع واقعي وبلا أي نوع من النرجسية ولكنه دقيق وحريص على اختيار المعنى والكلمة قبل أن يتحدث، مغرم بالتدريب والتطوير والتحسين وفيه العديد من الصفات التي تؤسس لقيادة ناجحة في عالم الاعمال المعقد؛ فهو استراتيجي في تفكيره، معد وقارئ للأوضاع يطلع على مجمل الأوضاع بالتفاصيل قبل اتخاذ القرارات.. شخصية محبوبة من كل من يتعامل معها وهو أيضا مهتم بالتفاصيل الرقمية والتقنية ومنغمس في الاهتمام بالعنصر البشري وتحسين مناخ العمل حقيقة بلا شعارات ولا أوهام ولا أحلام.

متابعة الصعود الدقيق لهذا الشاب هو قصة نجاح «لفكرة تطوير النجاح نفسه»، لأن تحقيق النجاح هدف مهم ولكن تطوير النجاح لنجاح آخر لا يقل أهمية، هي مسالة أصعب وأخطر وأدق، وهي التي نجح فيها عبد الله الزامل بتوفيق وتميز غير عاديين. ونجاح عبد الله الزامل يعطي لنا المثال عن نوعية القيادة القادمة في جيل رجال الأعمال السعودي، المعتمدة على علم وعزيمة وإرادة وتركيز وليس على إرث وعلاقات لا يضمن معها أي نجاح ولا تحقق الطموح والأمل.

المجتمع الحي هو الذي يستمر في إفراز قصص النجاح وهذا ما نأمل في استمراره.