سلوكي الشخصي = صفر

TT

وجه سؤال إلى أكثر من ألف شخص من مختلف المستويات وهو:

هل تعتقد أن معظم النوابغ يعيشون عيشة تبذل واستهتار لا تتفق مع الأخلاق؟!

وكانت النتيجة أن ما يزيد على (90 في المائة) كانت آراؤهم إيجابية، غير أن اللجنة التي طرحت ذلك السؤال خطأتهم جميعا قائلة:

إنه من حسن الحظ أن إجاباتهم جانبها الصواب، فقد أثبت العالم حقيقة مشجعة لها مغزاها العظيم، وهي: أنه كلما ارتقى ذكاء الإنسان ارتفعت أخلاقه.

وفي أحد الاختبارات، آخر طلب إلى الأطفال أن يؤشروا بعلامة أمام أسماء الكتب التي قرأوها من قائمة دون فيها خمسون اسما، بها عشرون اسما مختلقا لكتب لا وجود لها، وقد اتضح من هذا الاختبار أن عدد من كذب من النجباء أقل كثيرا من غيرهم – انتهى.

الواقع أنني بعد أن قرأت النتائج التي توصل لها هؤلاء العلماء من جهابذة علم الاجتماع والنفس، بدأت أشكك بمصداقيتها، وقادتني إلى ذكريات بعيدة عندما كنت في آخر سنة من مرحلتي المتوسطة الدراسية، وفي حادثة سبق لي أن ذكرتها عرضا، ولا بأس أن أحكيها بشيء قليل من التفاصيل، وهي بلا شك بالدرجة الأولى إدانة لي، ولكن على مبدأ: (قل الحق حتى ولو على نفسك)، لهذا فسوف أسلم أمري لله وأعترف بخيبتي رغم أنني لا أمت للنوابغ بأي صلة، المهم لا أريد أن أطيل عليكم بالكلام وأقول:

في سنة من السنوات، كان يدرسنا مادة اللغة العربية أستاذ على مستوى رفيع من الثقافة والخلق، وكان في الوقت نفسه مشرفا على الفصل، ووضع ذلك الأستاذ في فصلنا مكتبة صغيرة مكونة مما لا يقل عن مائة كتاب مختلفة المواضيع، ولكي يشجعنا على القراءة غير المجبرين عليها، كان يحصي أسماء عدد الكتب والأشخاص الذين استعاروها وقرأوها، ويناقش كلا منا على حدة في ما قرأه، وكانت النتيجة أنني تفوقت على الجميع في ذلك، إلى هنا والموضوع (آخر آلسطا).

وفي نهاية السنة الدراسية، كان يقام معرض يحضره أولياء الأمور، وتستعرض فيه المدرسة نشاطاتها، ولكي يفتخر أستاذنا بطلبته النجباء حجز له مكانا ليطلع الجميع على تجربته الفريدة، وبما أنني كنت بارزا بالمجال الفني بالذات، طلب مني أن أرسم أعمدة توضيحية وإحصائية لكل طالب تعتمد على عدد ما قرأه من الكتب.

(ووزّ) الشيطان وقتها بعقلي، فخطرت على بالي فكرة دنيئة، فتعمدت ألا أنجز ذلك العمل إلا في اليوم السابق للمعرض لكي أضعهم أمام الأمر الواقع، وكان من المفروض ألا يكون بيني وبين الطالب الثاني بعدي سوى كتاب واحد، غير أن طمعي وخباثتي جعلت الفارق بيني وبينه عشرة كتب، وفي المعرض صدم المدرس من فعلتي تلك، وأخذ يوبخني على ما فعلته قائلا: إنك لست في حاجة لهذا الغش، وخصوصا أنك كنت الأول بالقراءة. ولا أنسى جملته التي قذفني بها عندما قال: لقد سقطت الآن من عيني يا مشعل.

وكانت فضيحتي أمام الجميع بجلاجل، وفي شهادة النجاح التي تسلمتها، وجدت في خانة (السلوك الشخصي) علامة (صفر).

[email protected]