«انتهت اللعبة» في سوريا؟

TT

فيما يبحث باراك أوباما عن الخط الأحمر في سوريا يبدو أن المشرق العربي على وشك السقوط في الجحيم الأحمر. العراق والأردن ولبنان تنزلق مع سوريا نحو نهايات الاهتراء الوطني كدول قابلة للحياة المدنية. وما من رابح واحد في حروب يخوضها رجال بلا أي خطوط من أي لون سوى ألوان الجحيم المفتوح.

«جبهة النصرة» أقامت جمهوريتها وقانونها ومحاكمها واقتصادها ومخابزها في كل بقعة استولت عليها، داخل ونحو حلب، والنظام يحاول أن يحفر لنفسه جمهورية غير معلقة في حمص، و«المدنيون» في إسطنبول يتسقطون الأخبار من عند داود أوغلو، العالم السياسي الذي كان يعرف كل شيء إلا كل ما جرى.

جميع أفرقاء النزاع قطعوا جميع الخطوط الحمر التي يبحث عنها واعظ البيت الأبيض، وجميعهم مهزومون وسوريا التي عرفناها هي الخاسرة الكبرى. ماذا ربحت روسيا من وصول جبهة النصرة في الشمال حتى دمشق؟ وماذا ربحت إيران من سقوط الجزء الأكبر من سوريا في أيدي التكفيريين؟ وماذا ربحت أميركا من الحرب التي بدأها سفيرها في دمشق بزيارة حماه، وانتهى إلى قارئ بيانات غير صحيحة عن وجود جهاد مقدسي.

كان السائد في البداية أن النظام لا يعرف ماذا بين يديه، فإذا لا أحد من الضالعين في الدم السوري كان يعرف شيئا عن البحيرة التي قفز فيها. لذلك هناك أيد ملوثة وليس هناك يد قادرة على الإنقاذ. العالم خاض الحرب خارج مجلس الأمن، والعرب خاضتها خارج الجامعة، والنظام خاضها منذ اللحظة الأولى خارج جميع الحلول المقبولة، أو القابلة للبحث. تدق في سوريا ساعة الانهيار الكبير. منذ أكثر من عام لم يبق خط أحمر يقاس به أو يعوَّل عليه. الخط الأحمر الأول والأخير كان الفيتو الروسي – الصيني. والخط الأحمر الثاني كان في مؤتمر جنيف الذي تركت قراراته مبهمة مثل دعوة مفتوحة لاستمرار الخراب. والخط الأحمر الثالث كان اعتبار الأسلحة الكيماوية خطا أحمر، كأنما أسلحة الفتك والهلاك الأخرى خطوط خضراء في سباق القتل والدمار وتقويض سوريا كدولة. في النهاية سوف تجلي روسيا رعاياها وتحذر أميركا رعاياها من السفر وتسحب إيران حرسها الثوري، وتبقى في مكانها سوريا الممزقة والمشتتة. «انتهت اللعبة» قال محمد الدوري في الأمم المتحدة وهو يعلن هزيمة النظام. وبعده انفتحت أبواب الجحيم. لقد «انتهت اللعبة» في سوريا.