موقف المملكة المتحدة من سوريا

TT

منذ اندلاع الثورة السورية قبل أكثر من عامين، لقي أكثر من 70,000 شخص مصرعهم وهرع مئات الآلاف من اللاجئين إلى المخيمات في البلدان المجاورة، بما في ذلك الأردن وتركيا ولبنان والعراق.

وبينما لا تلوح أي بوادر في الأفق تشير إلى وضع حد لهذه الأزمة، فإن الكشف عن أدلة الأسبوع الماضي على أن الرئيس السوري بشار الأسد قد استخدم أسلحة كيماوية ضد شعبه وأنه قد تخطى «الخطوط الحمراء» قد يعطي دفعة جديدة لتدخل دولي بصورة أكبر، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الخيارات المتاحة أمام المملكة المتحدة والمجتمع الدولي؟

ولا يختلف موقف المملكة المتحدة عن موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، بما في ذلك جامعة الدول العربية، الذي يتلخص في أنه يتعين على طرفي الصراع وضع حد للعنف وتهيئة الأجواء للانتقال نحو الديمقراطية، حتى يتمكن الشعب السوري من تحديد مصيره بحرية.

ومع ذلك، لا تزال خيارات المملكة المتحدة، وخيارات المجتمع الدولي، محدودة بسبب حق النقض الروسي في مجلس الأمن، وهذا أمر مؤسف للغاية لأن المملكة المتحدة هي التي عملت بنجاح على فرض منطقة حظر جوي في ليبيا، وهو ما أدى إلى الإطاحة بنظام القذافي بصورة أسرع. ولكي يتم فرض منطقة حظر جوي مماثلة في سوريا، يجب أن يحدث ذلك في ضوء شرعية قانونية من مجلس الأمن.

وعلاوة على ذلك، لا توجد فرص حقيقية لإرسال قوات بريطانية إلى سوريا، فبعدما قررت المملكة المتحدة بالفعل سحب قواتها من أفغانستان بحلول عام 2014، لا توجد رغبة داخل الحكومة، أو في جميع أنحاء البلاد، لإرسال قوات إلى الخارج مرة أخرى. ومع اقتراب الانتخابات العامة في بريطانيا والتي لم يتبق عليها سوى عامين فقط، فلن تغامر أي حكومة بالدخول في صراع آخر ما لم يكن هذا الصراع مرتبطا بصورة مباشرة بالأمن القومي البريطاني.

وثمة خيار آخر أمام المملكة المتحدة وهو تسليح المعارضة السورية. وفي الوقت الراهن، نقدم للمعارضة السورية إمدادات غير قتالية، بما في ذلك إمدادات طبية وعربات مدرعة. ومع ذلك، لا يمنحهم هذا حماية تذكر وهم يواجهون طائرات ودبابات وصواريخ النظام.

ونتمنى أن يتغير الموقف ويتم رفع الحظر المفروض من قبل الاتحاد الأوروبي، على الرغم من استبعاد حدوث ذلك. ويمكننا حينئذ أن نحدث بعض التكافؤ عن طريق تسليح المعارضة المعتدلة، وإلا فسيستمر الوضع على ما هو عليه ويسقط مزيد من الضحايا.

ويجب أن نفرق بين القوات المعتدلة والعناصر المتشددة مثل جبهة النصرة، الذين أعلنوا عن ولائهم لتنظيم القاعدة، وإلا فسيكون هناك خطر كبير يتمثل في قيام هذه العناصر بملء الفراغ الذي سيوجد في البلاد عقب انتهاء الحرب الأهلية، كما حدث في أفغانستان.

إن تقديم الدعم للمعارضة المعتدلة سوف يثني السوريين عن الالتحاق بالجماعات المتطرفة. وتلتزم المملكة المتحدة بتقديم الدعم الإنساني للشعب السوري، وسوف تستمر في ذلك، ولكن بعض الدول لم تف بتعهداتها ويجب حثها على القيام بذلك.

وعلى الرغم من عدم وجود خيارات مقبولة أمام المملكة المتحدة والمجتمع الدولي، فإن استخدام الأسلحة الكيماوية سيمثل تهديدا أكبر لأمن المنطقة ولا بد من العمل على إنهاء هذه الكارثة المريعة التي سمح لها أن تستمر لهذه الفترة الطويلة. ويتعين على المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وأوروبا، أن يعمل مع بلدان أخرى مثل المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا لوضع حد لعمليات القتل الجماعية للمدنيين.

* عضو البرلمان البريطاني عن غيلينغهام ورينهام