لا أصدقاء لتيمورلنك

TT

ما زلت أتابع تطورات تفجير الماراثون في بوسطن، محاولا أن أفهم أي نوع من الناس هما الأخوان تسارنايف. أولا، لم يكونا على موعد في الجنة، لأنهما لم يفجرا نفسيهما مع الضحايا، بل كانا عائدين إلى المنزل في ثياب الرياضة، ربما لحضور مباراة الرغبي على التلفزيون، حول وجبة طعام سريعة. لكن ما يربط تيمورلنك في بوسطن بمحمد عطا في نيويورك، أن والدي الرجلين أعلنا، من مصر ومن قرغيزستان، أن ابنيهما على قيد الحياة ولا علاقة لكليهما بما حصل. والد محمد عطا ظل يكرر ذلك ثلاثة أيام، مؤكدا أنه تحدث إلى ابنه بعد هجوم البرج التجاري.

مفجرو نيويورك اختاروا رمز النجاح الاقتصادي، ومفجرو بوسطن اختاروا رمز النجاح العلمي. الغريب في الشقيقين تسارنايف أنهما اختارا بوسطن بدل موسكو. فقد محا فلاديمير بوتين غروزني وضواحيها. ومن قبله نقل ستالين جميع الشيشان خارج بلادهم. ما علاقة ماراثون بوسطن بالأمر؟

كان هناك سبب بالغ الوجاهة عند الأخ تيمورلنك. فطالما شكا من أنه لا أصدقاء له في أميركا. الحل؟ طنجرة ضغط تفجر في كل من خطرت له المشاركة في ماراثون بوسطن. ولكن يا تيمور، ألا يمكن أن يكون بين هؤلاء رجل تعرفه أو مواطن شيشاني أو صديق من القرغيز؟

- يمكن. عليه أن يدفع الثمن.

تتلاءم فكرة الطناجر مع العظام واللحم المتناثر، خصوصا في وسط المتبارين على كراسي متحركة. ذنبهم. ما الذي يدفعهم إلى المشاركة في ماراثون المدينة بدل أن يبحثوا عن طريقة يكونون فيها أصدقاء تيمور المستوحد المكتئب.

هل من السهل العثور على صداقات في قرغيزستان أو الشيشان، أكثر من بوسطن؟ أجل. هناك الناس إنسانيون عاطفيون ويكرسون أوقاتهم للصداقات. لكن لماذا لم يبق الأخوان تسارنايف في قرغيزستان حيث العواطف دفاقة، وجاءا ينكدان حياتهما في بلد مادي لاهث وراء العمل والمنافسين بدل راحة المقاهي ومتعة البطالة؟

قال أوباما بعد لحظات من انفجار بوسطن: «نريد أن نعرف مَن، ونريد أن نعرف لماذا». أما «مَن؟» فقد حصل. وأما «لماذا؟» فليس هناك ما هو ثابت سوى أن تيمور كان يعاني من الوحدة. لهذا درس علم التفجير بالطناجر وجلس يترصد مع خروج الناس إلى تنشق الهواء وعرض قواهم البدنية، فأطلق انفجارا يخنق ويقطع أطراف البدن ويبقر بطون المارة، ويمضي، في أعصاب مذهلة، لتناول العشاء. لولا أن الصور لم تلاحقه.