كوب شاي مع ثلاث ملاعق من الملح

TT

على باب إحدى (الكاتدرائيات) في فرنسا علقت هذه اللافتة التي جاء فيها:

يرحب القسيس بكل سائح يريد الدخول، ولكنه يرى من واجبه أن يلفت نظر كل زائر إلى أنه لن يجد بداخل الكاتدرائية حماما للسباحة، ومن ثم فليس من الضروري أن تدخل الكنيسة وأنت بلباس الاستحمام - انتهى.

وبالمقابل يا ليت كل إمام مسجد يعلق لافتة على باب الدخول ويكتب عليها: إن الإمام يرحب بكل المصلين، ولكنه يلفت نظرهم إلى أنه لا توجد في الداخل غرف للنوم، ومن ثم فليس من اللائق يا أيها المصلي الكريم أن تدخل المسجد وأنت بالبيجامة أو ثوب النوم، وقد قال تعالى: «خذوا زينتكم عند كل مسجد»، ولا أظن أنه من الزينة أن تدخل المسجد وأنت بملابس النوم.

***

بعض رجال الأعمال غريبو الأطوار، فهذا (ملياردير) إنجليزي يملك مصانع كبيرة ومتطورة للغزل والنسيج، ودعمها بمئات الآلاف من أنواع الأغنام المميزة بصوفها الكثيف.

غير أنه استحدث تقليدا أو تصرفا عجيبا، واستمر عليه عدة سنوات قبل أن يقبض الله روحه.

فهو مثلا إذا أراد أن يذهب إلى زيارة رسمية أو سهرة لا يذهب لها إلا ببدلة جديدة لم يكن قد لبسها من قبل، وقد يكون ذلك شيئا طبيعيا، فبعض الأغنياء يفعلون ذلك.

ولكن أن يفرض على عماله شرطا (همايونيا) فهنا يكمن العجب، فهو إذا طرأت عليه مناسبة معينة، يأمرهم أن يأتوا بخروف في الصباح الباكر ويجزوا صوفه، ثم ينظفوا الصوف ويعقموه، ثم يغسلوه وينشفوه ويصبغوه باللون الذي يختاره ويريده، ثم يغزلوه وينسجوه ويفصلوه ويخيطوه، وتكون البدلة جاهزة ومعلقة قبل ساعة من ذهابه للسهرة المسائية في نفس اليوم، ثم يلبسها للمرة الأولى والأخيرة.

وهو يفعل ذلك ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع، وفي كل مرة خروف جديد.

صحيح (اللي يلقى له حنّا يحني صدره) - مثلما يقول المثل -.

وما دمنا ما زلنا في محيط الأغنياء وشطحاتهم العجيبة، فهذه امرأة ثرية وعرجاء من مدينة (برشلونة)، أوصت بمبلغ (500) يورو لكل أعرج يمشي في جنازتها، وعند وفاتها زفها أو شيعها إلى قبرها ما لا يقل عن ألف أعرج - خصوصا أن الأزمة الاقتصادية المستحكمة في إسبانيا جعلت كل إنسان يتهافت حتى ولو على يورو واحد -.

البياخة في الموضوع أن ثلاثة أرباع العرج كانوا يتصنعون ذلك، فبعد أن قبض كل واحد منهم الخمسمائة يورو، انطلق يمشي بشكل طبيعي، بل إن بعضهم أخذ يركض و(يطامر) من شدة الفرحة.

ونظرا لتأثري بغرابة أطوار رجال الأعمال قررت أن أحذو حذوهم رغم أنني لست من رجال الأعمال ولا من رجال الأقوال، فأنا ولا فخر من رجال (الله الله).

ولكنني ما إن علمت أنهم في (التبت ومنغوليا) يشربون الشاي أحيانا ممزوجا بالملح بدلا من السكر، أصبحت أفعل هذا كل يوم، فليس هناك أروع من كوب الشاي مع ثلاث ملاعق من الملح.

جربوه ولن تنسوني.

[email protected]